طريق صفين فقد روي أنه لما توجه إلى صفين
أصاب أصحابه عطش عظيم فأمرهم أن يحفروا بقرب دير بئراً فلما حفروا وجدوا صخرة
عظيمة عجزوا عن قلعها فنزل سلام الله عليه فأجتذبها بيده ورماها إلى مسافة فظهر
الماء من تحتها فلما شربوا أعاد الصخرة إلى موضعها وكان صاحب ذلك الدير ينظر إلى
فعله وعظيم صنعه ومذ شاهد ذلك منه نزل من ديره وأسلم على يده[1].
وأما دعواه الإمامة بعد رسول الله (ص) فهو أوضح من أن يبين وكفى شاهداً على ذلك ما
تضمنته خطبته الشقشقية وهالك أدلة أخرى على إمامته غير أنه لما كان فيما ذكرناه من
الأدلة عليها كفاية لمن تدبر وتبصر لذا اكتفينا بما أوردناه تحرياً للاختصار.
المسألة السابعة في الأئمة المعصومين
أن الإمام بعد علي (ع) هو أبنه الحسن (ع) وأخوه الحسين ثم ولده علي
ثم ولده محمد الباقر ثم ولده جعفر الصادق ثم ولده موسى الكاظم ثم ولده علي الرضا
ثم ولده محمد الجواد ثم ولده علي الهادي ثم ولده الحسن العسكري ثم ولده إمام العصر
الحجة المنتظر محمد (عج) والدليل على ذلك أمور:
(الأول) نص النبي (ص) على خلافتهم فأنه قد روي بطرق صحيحة معتبرة عن
جابر بن عبد اله الأنصاري أنه قال لما أنزل الله تبارك وتعالى على نبيه (ص) [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ][2] قلت يا رسول الله عرفنا الله فأطعناه وعرفناك فأطعناك فمن أولي
الأمر الذين أمرنا الله باطاعتهم قال هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين من بعدي
أولهم أخي علي ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي وستدركه يا
جابر فإذا أدركته فاقرأه مني السلام ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن
موسى الرضى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم محمد بن الحسن يملاء
الأرض قسطاً وعدلا كما ملاءت جوراً وظلماً[3].
وكفى دليلًا على ذلك ما رواه أكابر علماء السنة كجمال الدين في روضة الأحباب[4] فانه روى الحديث المتقدم عن جابر
وكالحمويني في فرائد السمطين قال قدم يهودي يقال له مغثل على النبي (ص) ليسلم على
يده فسأل اليهودي النبي عن وصيه بعده فقال له (ص) أن وصي علي بن أبي طالب وبعده
الحسن وبعده الحسين وتتلوه تسعة أئمة من صلبه فقال اليهودي سمهم لي يا محمد فقال
(ص) إذا مضى الحسين فابنه علي فإذا مضى علي فابنه محمد فإذا مضى محمد فابنه جعفر
فإذا مضى جعفر فابنه موسى فإذا مضى موسى فابنه علي فإذا مضى علي فابنه محمد فإذا
مضى محمد فابنه علي فإذا مضى علي فابنه الحسن فإذا مضى الحسن فابنه الحجة محمد
المهدي طوبى لمن أحبهم وأتبعهم والويل لمن أبغضهم وخالفهم[5]
وكصاحب ينابيع المودة[6] فانه نقل
عن
[1] ذكرها شرح النهج ج 1 ص 7 طبعة القاهرة،
المناقب المرتضوية محمد صالح الكثفي الحنفي.