أما حجية نصوصه و ظواهره فقد منع بعض الاخباريين منها و قالوا أن
الكتاب ليس بحجة مطلقا إلا ما روي تفسيره عن المعصوم. و يقال أن أول من فتح هذا
الباب صاحب الفوائد المدنية و قبل أنه يظهر من كلام الشيخ الطوسي في التبيان و أن
العلامة الحلي في نهاية الأصول نسبه إلى الحشوية. و يدل على حجيته السيرة المستمرة
بين المسلمين على التمسك به من زمن الرسول (ص) إلى زمن الصحابة و التابعين و السلف
الصالحين و ثقات رواة المعصومين بلا رادع من أحد منهم- مع ما في الاخبار المتسالم
على صحتها دلالة واضحة على حجيته مثل حديث الثقلين المشهور بين الفريقين شهرة كادت
أن تبلغ حد التواتر و هو قوله (ص) «إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي أهل
بيتي» و قوله (ص) «إذا التبست عليكم الفتن كالليل المظلم فعليكم بالقرآن» و قوله
(ص) «القرآن هدى من الضلالة» و نحو ذلك ما ورد من الأمر بعرض الأخبار على الكتاب
ورد الشروط المخالفة للكتاب و الأمر بالرجوع إليه و يؤيد ذلك الآيات الآمرة بالأخذ
به و العمل به كقوله تعالى في سورة البقرة «ذلك كتاب لا ريب فيه هدى للمتقين» و
كقوله تعالى «و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر» و غيرهما من عشرات الآيات.
نعم لا يجوز التمسك بالمتشابه منه و هو الذي ليس بنص و لا له ظاهر بدون دليل و لا
شاهد على المراد منه بل بمجرد رأي و إستحسان ما أنزل اللّه به من سلطان. و لقد
كانت الآيات المكية منه تبعث نحو تكوين العقيدة و الأخلاق الكريمة و لهذا تجد فيها
القصر و الايجاز ليسهل على القارىء و المستمع و عيها و تفهمها بخلاف الآيات
المدنية فانها كانت تبعث نحو تفهم الأحكام الشرعية و لهذا تجد