أن الناس بل الحيوانات ترجع لأماكنها
استصحابا لوجودها بفطرتها و لو قدر عدم عملهم به فذلك من باب الأحتياط أو من جهة
خوف الضرر أو التفريط بالأموال، و عن القوانين أنه لو لا ذلك لأختل نظام العالم و
أساس عيش بني آدم، و عن الفصول أنه أمر مركوز في النفوس حتى الحيوانات فانها تطلب
المواضع التي عهدت فيها الماء و الكلأ بل حتى في الطيور فانها ترجع للأوكار بعد
مفارقتها.
و اما امضائه شرعا فيكفي فيه عدم صدور رادع من الشرع.
إن قلت انا نمنع من عدم صدور الردع عن العمل به كيف و ما دل على عدم
جواز العمل بغير العلم بل و ما دل على البراءه و الأشتغال كافيان في الردع عن
العمل على طبق الحالة السابقة.
قلنا أن هذه الامور لا تكفي في الردع لأن العاملين بالأستصحاب لما
كانوا يرون بناء العقلاء و السيرة من الناس على العمل به يجدون أنفسهم قد عملوا
بما هو الطريق الواقع فلا مجال للبراءة و الاشتغال و لا غيرهما من الاصول التي
ليست لها كاشفية للواقع بل يرون أنفسهم أنهم عملوا بالعلم لا بغيره من ظن أو و هم
لان الدليل عندهم لدليلته يكون علما بحسب نظرهم فلو كان الاستصحاب ليس بمعتبر لردع
الشرع عنه بخصوصه كما صنع في القياس بل يكفي ما ذكرناه في انصراف العمومات الى غير
الأدلة العقلائية و من هذا يظهر لك عدم كفاية هذه العمومات و نحوها في الردع و لا
بد في الدرع عن الادلة المتعارفة من النص بالردع على الدليل بخصوصية كما في
القياس.
ثانيها: الأجماع على حجيته شرعا كما عن المباديء، و النهاية و في
منع تحصيله و عدم حجية المنقول منه مكابره فانه يمكن تحصيله بملاحظة نقل الأجماع
من هؤلاء الاجلة و ملاحظة بعض القرائن