للشهرة المطابقة للخبر ليس فيه مخالفة
للمشهور، و قد يستدل على حجيتها بأدلة منها:-
أن العقل حاكم بان إتفاق جماعة من العلماء الأخيار المتبحرين يوجب
العلم و الاطمئنان الذي هو بمنزلة العلم بحصول مستند معتبر لديهم.
و جوابه:- إنا لو سلمنا ذلك فهو إنما يوجب الوثوق بحصول دليل صحيح أو
أصل معتبر لديهم و لا يلزم أن يكون صحيحا أو معتبرا عندنا، و منها أن رأي المتبوع
يستكشف من رأي تابعيه، فإنا نستكشف رأي أبي حنيفة من آراء فقهاء الحنفية.
و جوابه: أن الإستكشاف لم يكن على سبيل القطع بل هو على سبيل الظن
فنحتاج إلى الدليل عليه.
و منها: أن أدلة حجية الخبر الواحد تدل على إعتبار الخبر من باب الظن
فتدل بالفحوى و مفهوم الأولوية على حجية الشهرة لكون الظن الذي تفيده الشهرة أقوى
مما يفيده الخبر مضافا إلى أن عموم التعليل في آية النبأ شامل للشهرة ضرورة أن
المستفاد منه: أن كلما لا يوجب العمل به الوقوع في التنديم عند العقلاء يجوز العمل
به.
و من المعلوم أن العمل بالشهرة لا يوجب ذلك و دعوى إختصاصه بالخبر
يدفعها أن العبرة بعموم التعليل لا بخصوصية المعلل بل لعل التعليل في الشهرة أقوى
و أولى من الخبر.
و يرد عليه: أن أدلة حجية الخبر تدل عليه بخصوصه أفاد الظن أم لم يفد
و لذا نقول بحجيته حتى لو قام الظن الشخصي على خلافه.
و لو سلمنا لم ينفع ذلك لوضوح الفرق بين الظن بالحكم الحاصل من أخبار
العادل به عن الامام و بين الظن الحاصل من شهرة الفتوى به فإن الظن من جهة الشهرة
ينتهي إلى الحدس و الظن من الخبر