responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدارك نهج البلاغة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ هادي    الجزء : 1  صفحة : 34

والبلاغة وما أتاه من العلم والحكمة و إنما يراه كرجل عادي ولو تكلمنا معه على هذا الفرض وعلى مبلغه من العلم فيه لقلنا فيه ان عليا من افصح بيت في العرب واعلاهم ذروة في البلاغة وقد منح لسانا طلقا وفكرة وقادة وفهماً ثاقبا وقد ربي ودرج مع افصح من نطق بالضاد حتى صارت الفصاحة من غرائزه وملكاته فلا يتكلم إلا بالفصيح والأفصح والبليغ والابلغ ولا يحتاج في صوغ الألفاظ ونظمها إلى تأنق ولا أعمال فكر وروي بل تنقاد له أزمة الكلام العالي طوعا بلا تكلف وتجري معه صعابه طبعا وعادة فلا يشغله حرب ولا جهاد ولا يصده جدال ولا جلاد، وقد فات هذا الكاتب ان الحروب والفتن مما تنبه الخواطر وتهيج النفوس وتدعو الأمير والقائد إلى استنهاض والاستنفار وإثارة العزائم والوعد والوعيد والحث والتهييج والوعظ والإرشاد واقامة الحجة والبرهان وغير ذلك من المقاصد والإغراض وكان بنبغي ان ينتشر عنه (ع) من الخطب والمقالات والكتب والرسائل والحكم والنصائح اكثر مما تناقلته الصحف واثبتته الرواة لأن أيام خلافته الظاهري أكثرها أيام أمور هائلة تشحذ اللسان وتصقل الأفكار والخواطر وكان (ع) يصرف أيام حياته وأوقات صحته ونشاطه في الأمور التي نوهنا عنها لا يشغله عن أمر الإصلاح الديني والنجاح الحقيقي وإعلاء كلمة الحق وإزهاق الباطل لذة من لذائذ الدنيا ولا شهوة من شهواتها بسنانه ولسانه واقواله وافعاله يعترف له بذلك المبغض والودود والوامق والحسود ومن قرأ كتب التاريخ يقف على ذلك. واما قوله: (لا يكتبه إلا رجل متأنق حرفته صوغ الكلام) فهو كلام رجل قليل الخبرة بأحوال العرب وبما منحهم الله من الفصاحة وعلمهم من البيان، والعرب كانت ترتجل الشعر الرجز والقصيد وتقوله بداهة وبلا روية وقد ذكر ابن ظافر من ذلك شيئا كثيرا وإذا كان الشعر وهو اشد كلفة واكثر قيودا من النثر المسجوع مما ترتجله العرب وتقوله بلا روية ولا يعجزها أمره ولا يأبى عليها صعبه وان لم يكن لها ذلك حرفة ولا عمله صنعة فكيف بالنثر المسجوع وهو أهون من النظم واقل كلفة واسهل مؤونة افيستبعد بعد هذا من إمام البلاغة ومالك أزمة الفصاحة الذي يقول فيه عدوه (لو جمعت السن الناس فجعلت لسانا واحدا لكفاها لسان (علي) (ان يرتجل الكلام المنثور الذي يتفق فيه السجع، ولا

اسم الکتاب : مدارك نهج البلاغة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ هادي    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست