هذا إن قولهم لابد له عن مدرك وهذا لا يقضي
بالكشف عن واقعي الحكم بل غايته إفادة المظنة بل ربما يمنع جواز التعويل إذْ نقطع
بأن كثيراً من آحاد العلماء لا يقول من تلقاء نفسه وإن أريد وجود دليل إلّا ما زعم
دليلًا ففيه المنع وعدم القطعية.
2- إنا لا نرتاب في حجية روايتهم وإنها مقدمة على غيرهم فكذا علمهم
قياساً، وفيه إنه قياس خالٍ عن الجامع وعلى تقدير الوجود فالفارق موجود والسند إن
آحاد الفقهاء تقبل روايتهم وهذا لا يقتضي قبول أعلمهم ثم هذا إن قول أهل المدينة
أمارة شرعية لا دليل قاطع على ما نحن نقول في الإجماع وإن قنعنا بهذا أمكن
الاستدلال لهم بكل ما دل على اعتبار الظن ويجيء الكلام في تلك الأدلة وفيما عليها
وقد مر الكلام فيها مفصلًا فلا يفيده.
3- قوله (ع) (المدينة طيبة تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد)
واعترض عليه من وجوه:
1- مقتضاه أن لا يبقى خبث في عصر الصحابة ومن بعدهم صادراً عن واحد
وعن الجماعة فيلزم من هذا عصمة آحاد أهل المدينة وهو ظاهر البطلان.
2- إن نفي الشيء فرع وجوده فالدليل شاهد على وجود الخبث فيها.
3- إن المراد ما نفى الخبث في جميع الأزمان ولا نقول به أو في بعضها
فيمكن أن يراد حال صدور الرواية.
4- إن الخبث إن بنى على ما يفهم منه من المعاصي التي تنفرها الطباع
كالزنا واللواط والمساحقة فلا دلالة على العموم وإن أريد المعاصي فلا تدل إلّا على
أنهم لا يحترون عليها والحاصل يدل على رفع الخطيئة دون الخطأ.