(لا نكاح إلا بولي، ولا صلاة لمن جاره المسجد). وتنزيله على الحقيقة خروج عمّا هو المتعارف. ولذلك لا تكاد تعثر على أحد يحمله على حقيقته وإنما يحملونه على نفي الصحة أو الكمال. وهذا مما يدل على أن الأكثرين على ما تختار، إذ لو كانت عندهم حقيقة في الصحيح لحملوا هذا الكلام على حقيقته. وأقصى ما يمكن أن يقال أن في دعوى الوضع بعد ذلك أن الشارع لمّا وضع اسم الصلاة مثلًا أو تجوز به فلا ريب أنه إنما جعله بازاء الصحيح واستعمله فيه لا في الفاسد، ولا فيما هو أعم. أعني القدر المشترك. وهذا هو الذي اشتهر حتى صار حقيقة، وإطلاقه على الفاسد إنما كان من تسامح أهل العرف، كما يطلقون الاسم على الناقص كالحين 1 واليوم والشهر على ما نقص قليلًا فما ظنك بعاقد الشرط.

والجواب أن الوضع إنما كان للماهية لا بشرط كوضع سائر أسماء الأجناس والاستعمال أولًا إنما كان فيها. وفرق بين الاستعمال في الناقص والاستعمال في الفاقد فإن الأول من التسامح بخلاف الثاني كما هو واضح. وأما العقود والأصل في سببيتها وإن كان هو العدم وهو معنى قول من قال أن الأصل فيها الفساد. لكن هذا الأصل قد انهدم بما جاء من الأمر بالوفاء بالعقود فكان ذلك أصلًا جديداً. نعم لا بد من معرفة كونه عقداً في اصطلاحه (ع) أو في عرف زمانه إن أمكن وإلا ففي اللغة أو العُرف الحاضر بضميمة أصالة عدم التغيير وكل شرط يدّعي زائداً على الصدق فعلى المدعي بيانه لأصالة عدم الاشتراط انتهى كلامه (علا مقامه) 2.

جواب الأستاذ الأكبر الشيخ جعفر (رحمة الله)

ولما عُرض هذا على الأستاذ الأكبر والمولى المعتبر النحرير الأمجد الموفق المؤيد الشيخ جعفر (سلّمه الله تعالى) كتب في الجواب بخطّه:

الذي جرت عليه ملّة الإسلام واستمرت عليه طريقة العلماء الأعلام عدم جواز التعويل على أصل الإباحة والبراءة وأصل العدم ونحوهُنّ إلّا بعد إمعان النظر في أدلة الأحكام، والرجوع إلى الفقهاء في حق الأعوام، وبعد تحقق هذا الشرط إنما يجوز التعويل على ما ذكر حيث لا يعلم اشتغال الذمة بيقين، وإلا فلا بد من يقين الفراغ. كما في الإنائين المشتبهين والحلال المختلط بالحرام.