العهدة على جميع الوجوه ومعلوم أن الأمر للوجوب. وحينئذٍ يجب الأخذ بالحائطة إلا أن يدل دليل على خلافه. قلت من ادّعى هذه الخطابات ونظر في مواردها ورائهم أكثر ما يوردون ذلك فيما إذا كانت الشبهة في موضع الحكم كجوائز الظالم وما يهدى إلى الولاة وكسب من لا يجتنب الحرام وسؤر ما لا يتقي النجاسة، علم أن الأمر فيها مستعمل فيما تناول الوجوب والندب من باب عموم المجاز. سلمنا ولكنه معارض بمجموع ما جاء في أصل البراءة وأصل الإباحة ولا جمع إلا بتنزيل ما جاء في الاحتياط على الاستحباب. وهذا كما جاء في الزهد ومكارم الأخلاق فإنه أكثره أوامر، وليس هناك إلا ما ذكرناه. سلمنا ولكن يجب تخصيصه بغير ما نحن فيه لما جاء من المنع بالأخذ بكل خبر كان والإصغاء إلى كل ناطق، أتراهم يأمرون بالاحتياط لخبرٍ نادر وقد أعرض عنه الأصحاب أو قول قائل منكبّ طريقتهم وهم ينهون عن مثلها ما زالوا يحذرون عن القول بغير علم والعمل بالخبر من دون عرض. أوَلَم تعلم أن ما أعرض عنه الأصحاب من الأخبار أو شذ منهم هو خبر الواحد الذي لم تزل الطائفة مجمعة على الإعراض عنه؟. سلمنا ولمن أقصاه الإتيان بالمحتمل وأين هذا من دعوى الجزئية؟ وكيف كان فإثبات الجزئية بالاحتمال تشريع يجب التحرج عنه ولا أقل من الاحتياط ولا قوة إلا بالله والحمد لله أولًا وآخراً.

حاشية الشيخ جعفر الكبير (رحمة الله)

ولمّا عُرض هذا الجواب على الشيخ (أدام الله حراسته) كتب على الحاشية:

أما الكلام الأول: منها فتوطئة وتمهيداً فلا ينبغي التعرض إلا بنفيه من أصله إن أمكن وأما نفي وجوب المقدمة العلمية فبحث لفظي للاكتفاء باللابدّيّة، وأصل البراءة لعمومه مخصوص باستصحابات خاصّة غير خفية، والفرق في المجمل بين ما طرأ عليه الاشتباه أو سَبَقْ مردود بأن سبق العلم إن أُريد به من أهل الشرع فالسبق في الجميع وأما منا فلا فرق. وأما دعوى البيان فجوابه أني أقسم عليك بأجدادك صلوات الله عليهم حين ورود الجزء عليك إن تبيّن حقيقة الصلاة إن كانت عندك معلومة فإني إلى الآن متأمل في وجوب الأربعة أو التسعة أو الاثني عشر في التسبيح بدل القراءة وفي لفظ (وحده لا شريك له) في التشهد وفي لزوم التصريح باسم النبي (ص) في ابتداء الصلاة عليه (ص) مع إضافة الآل () وأن الصلاة على الآل واجبة أم لا؟ فإن كان هنا بياناً معروفاً فاحكم فإنك ادعيت ظهور الأمر وراجع الآثار والأخبار يامولانا ألا تدري أن العلماء حتى اليوم كثيراً ما يتوقفون ويتحيرون في‌