الجواب عن الشبهة المذكورة عن طريق يؤمن به الملحدون و يدين به
الجاهلون لذا كان لزاماً عليَّ ان استشهد بقول من تركن نفوسهم إليه من ان الدين لا
تنافى مع العلم فقد سبق منا كلام شبلي و إليك ما صرح به العلامة هرشل حيث يقول
كلما اتسع نطاق العلم ازدادت البراهين الدامغة القوية على وجود خالق أزلي لا حد
لقدرته فالجيولوجيون و الرياضيون و الفلكيون و الطبيعيون قد تعاونوا على تشييد
صروح العلم و هو صرح عظمة اللّه وحده. و هذا الفيلسوف الغربي صاحب كتاب ثمرات
الحياة يقول انه توجد فوق الإنسان قوة أزلية أبدية ينشأ عنها كل شيء و ما احسن
الكلمة المأثورة عن (باكو) التي يقول فيها ان العلوم الطبيعية إذا رشفت بأطراف
الشفاه أبعدت عن اللّه تعالى و ان شربت عبا اوصلت إليه تعالى. و هذا الدكتور الذري
أخي محمد قال لي إني كنت مقلداً في عقيدتي الدينية أما اليوم بعد درسي للعلوم
الطبيعية و تعمقي فيها و خوضي في الذرة و مجرها آمنت بالدين الإلهي ايمانا لا
يشوبه شك و لا تزلزله أي شبهة لله الحمد.
خطبتنا في عيد الأضحى في الصحن الحسيني
(و من ذلك) من خطبة لنا بعد صلاة عيد الأضحى في صحن الحسين"
عليه السلام" سنة 1382 ه و هي بعد البسملة.
أيتها الأمة المسلمة
حييتم بأبهى تحية تمتزج باللطف الإلهي و العناية الربانية و إذا
حييتكم فإنما أحيي قلوبا يقظة و عواطف نبيلة و نفوساً طاهرة تجشمت العناء و التعب
في سبيل اعلاء كلمة اللّه و الدعوة لدينه. ان تركيز الدين ضروري للمجموعة
الإنسانية على حد ضرورة نشر المعارف فيها بل يزيد عليها بمراتب كثيرة بل اكثر لما
في انتشار المادية و تفشي الالحادية من خسارة الفرد و العائلة و المجتمع. أما
خسارة الفرد فلشعوره بأن حياته و ما يحيطها أمر محدود يفنى بفناء الدهر و ينقضي
بانقضاء الزمن و هذا ما يجعله في حزنٍ و كمد عند التفاته لذلك و في أسفٍ و تألم
عند ادراكه محدودية حياته بل تصبح نفسه ضعيفة إمام محن الأيام و طوارق الزمان فلا
يحتمل ابسط الحوادث المؤلمة و اقل الوقائع المزعجة بخلاف المؤمن بربه المتمسك
بدينه فانه تضعف في نظره الحوادث بمقدار قوة إيمانه و شدة عقيدته و اني وجدت
الكثير ممن آمن بالله لو فقد عزيزه كان كمن سافر عزيزه عنه و يلتقي به بعد حين و
إذا حل به البلاء آنس نفسه بما يناله في الآخرة من الجزاء و هوّن عليها الخطب يوم
الحساب يوم الاجر و الثواب. و أما خسارة العائلة فهو لا يأمن على عرضه و لا على
نفسه و لا على ماله من أهل بيته عند فقدهم العقيدة الدينية فان سلطان الشهوة لا
يقهره شيء لا شرف النفس و لا حسن التربية إذا جد الجد و خلا له الوقت إلا تمركز
العقيدة بالله و الحوادث التاريخية أدل دليل على ذلك فقد شهد الكثير منها ان البيت
الذي يفقد الوعي الديني تتحكم اللذات الحيوانية بمقدّراته و تكون المادة العمياء
هي المقياس الوحيد في حياته و إذ ذاك تنعدم الثقة حتى في أهم أركانه فلا أمان
لصاحبه بزوجته و لا لزوجته الأمان به و لا ثقة له بذويه و لا لذويه ثقة به كما لا
يطمئن على حياته فيما لو اقتضت الميول البيتية القضاء عليها و لا يأخذه القرار على
ماله و لا على ما في يده فيما لو أراد البيت غصبها من عنده أو سرقتها منه و لنا
على ذلك شواهد سجلها التاريخ و قضايا دونتها المحاكم المدنية و عند ذلك ينهار
البيت و يزول الحنان و التعاطف من بين يديه و يصبح صاحبه في شقاء مستمر و ذووه في
خشية و خوف دائم