responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : باب مدينة العلم المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ علي (ابن محمد رضا)    الجزء : 1  صفحة : 173

رصاصتهم تقول (زيدن) كناية على إنها رصاصة رجل الدين فيكفوا بذلك عن القتال ثمّ أخذ على الزقرت و الشمرت اليمين بالقرآن الشريف عند رأس الأمير بحضور رجالات العراق على إخمادهم نيران فتنتهم. و لم يزل الشيخ محمد كاشف الغطاء المذكور يدافع عن النجف الأشرف و يحافظ على مجدها العلمي حتى كانت 1248 ه جاء سليم باشا مع خمسة آلاف جندي فدخل النجف و الطبول و المدافع تضرب امامه و كان معه نقيب الأشراف السيد علي نقيب بغداد فمروا على دار الشيخ المذكور و هي الدار الكبيرة المعروفة و نزل النقيب و جماعة من العسكريين ضيوفا عنده و الباقي نزلوا في القلعة و أخذت الناس تتدافع على دار الشيخ محمد و استجاروا بها في الحجر و السراديب حتى اجتمع في الدار ما يزيد على ألف نسمة بين رجل و امرأة خوفا من بطش (سليم باشا) بهم و كان قد اعتقل جملة منهم و فيهم بعض رجالات الدين فما صار العصر جاء سليم باشا مع جميع هيئته إلى الشيخ محمد و أخذ يتحادث مع الشيخ محمد في تدبير الأمر و علاج هذا الفساد و انجر الحديث إلى قول سليم باشا للشيخ محمد ليس الفساد إلا من ايوائك للمفسدين فقال الشيخ محمد للباشا يا هذا ليس الفساد إلا منك فقال النقيب يا شيخ محمد لقد اسأت جوابا فقال له الشيخ محمد اسأت فهماً و طال التشاجر بينهم إلى ان خرج الباشا على ان لا يتعرض دار الشيخ الكبيرة و من فيها. و يذكر إن بعض من في الدار من الملتجئين قد أساء التصرف مع الضباط الذين في دار الشيخ فاخبروا الباشا فأرسل الجند للقبض عليهم و كان النقيب نائما في السرداب للدار البرانية للدار الكبيرة فانتبه و اخبر بالقصة فخرج النقيب و منع العسكر و ركب بغلته و مضى إلى الباشا و وبخه فرجع العسكر. و هذا الشيخ مهدي أخو الشيخ محمد المذكور الذي نهض بأعباء المرجعية بعد أخيه الشيخ محمد و طبعت رسالته في تبريز بأمر السلطان مظفر الدين شاه و رجعت له حتى آذربيجان و بعد وفاة الشيخ الأنصاري استقل بأمر التقليد و قد بنى المدرسة المعروفة بمدرسة المهدي في النجف الأشرف و يقال انها كانت السجن الذي يسجن فيه الملا يوسف أعداءه. كما بنى في كربلاء المدرسة المعروفة بمدرسة المهدي و قام بإعاشة الطلبة على وجه الكفاية خوفا على الحوزة الدينية فيها من الضياع و الفناء و دفع كيد الكائدين عنها و بطش المعتدين عليها و أخذ إلى العباسيين شبليهما الهادي و المرتضى و علي و ابنيه احمد و الحسين و والدنا الرضا في عهديه و ما قام به المحافظة على هذا البلد المقدس و الذب عنه و الدعوة للهجرة إليه.

و لعل أهم الأسباب التي جعلت في النجف مركزية الدراسة الدينية أمور:

أحدها فضيلة السكنى فيها لما ورد من الأخبار الكثيرة في فضل المبيت عند علي" عليه السلام" و ذلك مما دعا ان يسكنها المتبتلون إلى اللّه و الذين تمركز الإيمان في قلوبهم لأن النجف يوم سكنت حتى أيام ازدهار الدراسة فيها و حتى أوائل هذا القرن اعني القرن الرابع عشر الهجري كانت وادياً غير ذي زرع و لا ضرع فليس في بيئتها الجغرافية ما يدعو للسكن فيها فلا ماؤها تستسيغه النفوس للشرب و لا هواؤها صيفاً و لا شتاء تبتهج به الأرواح و لا حاصلات فيها من زرع و لا شجر و لا نبت تعيش بها الأجسام و يتغذى بها الإنسان مع ما فيها من الزوابع الترابية و الحرارة الشديدة الصيفية و البرودة القارصة الشتائية فلا يعقل ان يسكنها إلا ذو حظ عظيم من أهل الإيمان و هذا النوع من الناس لا يستطيعون السكنى في بلد من دون وجود مرجع لهم في معرفة أحكامهم الشرعية و شدة الطلب توجب وجود المطلوب.

اسم الکتاب : باب مدينة العلم المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ علي (ابن محمد رضا)    الجزء : 1  صفحة : 173
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست