(السادسة) قوله تعالى في سورة المجادلة يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْعِلْمَ دَرَجاتٍ.
دلالة السنة على شرف العلم
و أما السنة فهي في ذلك كثيرة لا تكاد تحصى.
(منها) الحسن أو الموثق الذي لا يقتصر عن الصحيح في الكافي و عن
آمالي الصدوق و عن ثواب الأعمال و في بصائر الدرجات عن أبي عبد اللّه" عليه
السلام" قال قال رسول اللّه" صلى اللّه عليه و آله" من سلك طريقاً
يطلب فيه علماً سلك اللّه به طريقاً إلى الجنة و ان الملائكة لتضع اجنحتها لطالب
العلم رضىً به و انه ليستغفر لطالب العلم من في السموات و الأرض حتى الحوت في البحر
و فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر و ان العلماء ورثة
الأنبياء و ان الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما و لكن ورثوا العلم فمن أخذ
منه أخذ بحظ وافر و قد روى هذا الحديث الشهيد الثاني" رحمه اللّه" في
المنية عن كثير بن قيس قال كثير بن قيس: كنت جالساً مع أبي الدرداء في مسجد دمشق
فأتاه رجل فقال يا أبا الدرداء إني أتيتك من المدينة مدينة الرسول" صلى اللّه
عليه و آله" لحديث بلغني عنك انك تحدثه عن رسول اللّه" صلى اللّه عليه و
آله" قال فما جاء بك تجارة قال لا فقال و لا جاء بك غيره قال لا ثمّ قال سمعت
رسول اللّه" صلى اللّه عليه و آله" يقول من سلك طريقاً الحديث ثمّ ان
الشهيد" رحمه اللّه" بعد ان ذكر الحديث المذكور قال:
القصة التي تدل على شرف العلم
و اسند بعض العلماء إلى أبي يحيى بن زكريا بن يحيى الساجي انه قال
كنا نمشي في ازقة البصرة إلى باب بعض المحدثين فاسرعنا في المشي و كان معنا رجل
ماجن فقال ارفعوا ارجلكم عن اجنحة الملائكة كالمستهزئ فما زال عن مكانه حتى جفت
رجلاه.
و اسند أيضاً إلى أبي داود السجستاني انه قال كان في أصحاب الحديث
رجل خليع إلى ان سمع بحديث النبي" صلى اللّه عليه و آله" ان الملائكة
لتضع اجنحتها لطالب العلم فجعل في رجليه مسمارين من حديد و قال أريد أن أطأ أجنحة
الملائكة فاصابته الآكلة في رجليه و ذكر أبو عبد اللّه محمد بن إسماعيل التميمي
هذه الحكاية في شرح مسلم و قال فشلت رجلاه و سائر اعضائه.
(و منها) ما في آمالي الصدوق عن الأصبغ بن نباتة قال قال أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب" عليه السلام" تعلّموا العلم فان تعلمه حسنة و
مدارسته تسبيح و البحث عنه جهاد و تعليمه من لا يعلم صدقة و هو عند اللّه لأهله
قربة لأن معالم الحلال و الحرام و سالك بطالبيه سبيل الجنة و هو أنيس في الوحشة و
صاحب في الوحدة و سلاح على الأعداء و زين الأخلاء يرفع اللّه به أقواماً يجعلهم في
الخير أئمة يقتدى بهم و ترمق أعمالهم و تقتبس آثارهم و ترغب الملائكة في