responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المثل العليا في الإسلام المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 36

مسبب عن أسباب خفية، ومنبعث عن بواعث غير مادية ولعلها غضبة او ضربة من السماء، ومن رب السماء، على هذه البلدة الظالم أهلها، المتمادية في ظلمها وبغيها وبغائها وفسقها وفجورها، وأرسلت السماء ذات يوم مطراً غزيراً على قرية فأغرقت مواشيها، وأخربت بيوتها، وكان في القرية رجل عابد فزع اليه أهاليها مستسعفين به يلتمسون ان يسأل الله تعالى ان يكشف عنهم البلاء. فقال لهم (ان أعمالكم تستوجب ان يصب عليكم ناراً تحرقكم. أفلا تشكرونه حيث أكتفى فأرسل ماء يغرقكم.

بلغ الفسق والفجور، وسكب الخمور في بغداد الى حد ان أهالي لندن وباريس وأمريكا يتعجبون من ذلك ولكنهم طبعاً يفرحون. حقاً ان بغداد قد حقت عليها كلمة العذاب، كأنها تمثل آية من الكتاب المجيد حيث يقول: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْ‌ءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ‌).

ولعل هذا الطغيان انذار وارهاص لما بعده. سئل آخر ملوك الفرس ما الذي أزال ملككم الذي رسخت دعائمه من آلاف السنين فقال: ولينا صغار الرجال على كبار الأعمال فحقد علينا الكبار، ولم يستطع كفايتنا الصغار، فآل أمرنا الى الزوال. هكذا ما وقعنا في اليوم، وليت الأمر لصغار الرجال بل صار لهم و ... ولا أدري كيف يكون المآل.

وقد سألني بالأمس سائل يقول: ما بال هذا البلاء قد أنصب خصوصاً على المساكين والفقراء وأهل الصرائف والأكواخ والفلاحين الذين قضى على جميع أموالهم وكل آمالهم، فأهلك ما عندهم من زرع وضرع وربما أتلف بعض نفوسهم.

وما أصاب الأغنياء والأمراء، وأرباب الدولة والثراء، منه لفحة أذى ولا خدشة سوء. وها هم متنعمون في قصورهم، يتمتعون بأشربتهم وخمورهم. القوي مالك، والضعيف هالك.

اسم الکتاب : المثل العليا في الإسلام المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست