responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكلم الطيب المؤلف : كاشف الغطاء، علي    الجزء : 1  صفحة : 36

كلمة في ليلة مباركة

بسم اله الرحمن الرحيم‌

أيها الملأ الروحاني المتجه نحو الله والداعي إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة.

إن هذا الاجتماع منكم في هذه الليلة المباركة على صعيد الدعوة الإسلامية، وقد زاد في عظمته وروعته أنه تجلى بأجلى مظاهر القداسة الإلهية وأبرزها، بل دل وبرهن على أن المسلمين في هذا الجزء الغالي من وطننا الكريم أن يضحون بأنفسهم عندما يجد الجد وتأزف الساعة نحو ما تتطلبه وتقتضيه رسالتهم الدينية، وأنهم يقفون صفا واحدا وجهة متراصة بحزم وعزم وصلابة وقوة بوجه الإلحاد وعملائه ودعاة السوء وأربابه والشر وأعوانه. يا قوم أن الرائد لا يكذب أهله والدليل العريان الذي مزق الأسى والأسف قلبه، أن المسلمين في كل صقع ومكان أصبحوا في أشد خطر وأصعب مرحلة إذ العدو الأثيم الذي تدجج بالسلاح لتوجيه الضربة إليهم تلو الأخرى في سائر مجالات الحياة أصبح وجها لوجه في قلب المعركة وأن اليوم يوم الفصل وما هو بالهزل، وإن الشعوب الإسلامية تطالبكم بأن تفتحوا أعينكم نحو المشاريع العدوانية الجهنمية، وتتخذوا العدة لهذه الساعات الرهيبة الخطيرة وتنسقوا الجهود والطاقات المادية والأدبية والروحية لنهضة ثورية للانطلاق في معركة تحقق لنا الأمل والمنى، وتوصل حاضر هذه الأمة الممزقة الأشلاء بمجدها التليد، وتأخذ بيدها هذا الجيل الصاعد لتقيه من الكبوات والهفوات، فقد أصبح يسير في خضم متلاطم من المبادئ الوافدة عليه من هنا وهناك قد انقضت عليه صواعق الإلحاد وعوامل الشر والفساد، وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والعاقبة للمتقين.

كلمة في سعادة المؤمنين‌

بسم الله الرحمن الرحيم‌

بسم الله كلمة المعتصمين ومقالة المحترزين ونسأله أن يصلي على الدليل وعلى آله وصحبه الطيبين الأبرار والأخيار مصابيح الدجى وأعلام الهدى.

أيها الجمع الكريم:

طلبت مني أسرة هذا الحفل المجيد كلمة فيها فلاح المستعين وسعادة المجتمعين، وما علموا أن الحوادث الزمنية والفتن الصماء الخرساء التي لا زال الدهر يسددها نحوي والأيام تقدمها إليّ قد أذهبت المعين عن معدنه وحلق الطائر لها عن وكره، وأصبحت بها التعس جثة هامدة وحثالة راكدة أبرد غلتها من بحور الذات المطلعة واكر صولجان الأماني وألمس فيها بصخرة الإيمان والتقوى وأكرع من رحيق الحكمة المحمدية واهتدى بضوئها في ظلمات آفاق الإنسانية، فإن في ذلك سعادة الدارين وخير النشأتين، أما السعادة في الآخرة فلأن فيها صك ضمان المستقبل من وحي رب العالمين بالفوز بالروح والريحان وبالقصور والجنان، وأما السعادة في الدنيا للفرد والتمسك بالدين والمجتمع، أما الفرد المتمسك بدينه لا تهمه الحوادث وإن عظمت والكوارث وإن جلت لما يراه من الثواب العظيم والأجر الجزيل في دار جنات النعيم وقد رأيت الكثير ممن آمن بالله إذا فقد عزيزه كأنه قد سافر عنه ويلتقي به بعد حين وهذا علي أمير المؤمنين (ع) لما ضربه ابن ملجم نادى بصوت الدين (فزت ورب الكعبة) وهذه زينب (عليها سلام) عندما شاهدت أخاها الحسين (ع) وصحبه قالت (فزت ورب الكعبة) وما ذلك إلا للعقيدة بما وراء الموت من السعادة الأبدية والهناء السرمدي، وأما سعادة البيت فإن البيت الذي يفقد الوعي الديني تنعدم الثقة فيما بين أفراده ويزول الأمان فيما بين أشخاصه فإن سلطان الشهوة لا يقهره شي‌ء لا شرف النفس ولا حسن التربية إذا جد الجد واتسع المجال إلا تمركز العقيدة وهيمنة الدين ولنا على ذلك شواهد كثيرة ودلائل واضحة، وأما سعادة المجتمع فإذا المجتمع الذي يفقد الميزة الدينية تتحكم فيه الأهواء والرغبات فلا صدق ولا أمانة ولا إخلاص وما حاجة الحكومات بها إلى سن هذه القوانين إلا نتيجة لفقد بعض ما في شعوبها للعقيدة الدينية، ولعل أحسن برهان نقيمه على ذلك هو أنك لو فتحت دفاتر الإجرام في محاكم العدل والجزاء في سائر الدول الكبيرة والصغيرة لا تجد في المجرمين من المؤمنين واحدا من ألف وهذا الاستقراء أول دليل على محاربة الإيمان للأجرام.

اسم الکتاب : الكلم الطيب المؤلف : كاشف الغطاء، علي    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست