responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكلم الطيب المؤلف : كاشف الغطاء، علي    الجزء : 1  صفحة : 26

يا شيعة علي:

إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم. لا تغبط البلاد ولا تتنافس بتراثها المادي ولا بجمالها الطبيعي ولا بطيب هوائها ولا بعذوبة مائها، إنما تغبط وتفاخر بما وراء ذلك بما تحتكره من سمو فكري وعظمة أدبية وبطولة علمية وإخلاص في القول والعمل، إنما تغبط بأولئك النفر إضراب كميل وأمثاله، ممن لا تستخفهم الموهومات الأرضية واللذات الوهمية. أحرار لم تأسرهم فواتن الدنيا ولم تسلب عقيدتهم سواحر الحياة قد أسلموا وجوههم لخالقها لا يخافون بطش جبّار ولا سطوة ظالم غاشم، داعون إلى سبيل الله لا يفترون ولا يملون ولا يجبنون، الجسوم آدمية ولكن الأخلاق والمزايا ملائكية قد وسع الناس حلمهم وعلمهم واتسع للشمل صدورهم ووجوههم فقراء ولكن تستجدي الملوك منهم عطفا، حلماء ولكن ترتعد العتاة من عملهم خيرا هؤلاء هم العظماء الذين يتخذون ولاة للأمر حيث برهنت أفعالهم على صدق أقوالهم وجاءت الحوادث شاهدة على ادعائهم وللنفوس أن تضع ثقتها في أموالها وأرواحها وأعراضها بأيديهم، فإن صلتهم المستمرة بالعالم العلوي تمنعهم عن الخروج عن قوانين العدل، وخوفهم من العذاب يحجبهم عن اقتراف الجريمة وزهدهم في الدنيا لا يجعل للذتها سلطانا عليهم.

كلمة في الذكرى السنوية الأولى لوفاة آية الله العظمى المصلح الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء

بسم الله الرحمن الرحيم‌

جاء في الحديث الشريف: (إذا مات العالم ثلمت في الإسلام ثلمة لا يسدها شي‌ء).

وقد وجدنا مصداق هذه الحكمة النبوية في فقيد الإسلام الحجة الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، فإن خسارته لم تعوض. لقد فقده الإسلام عامة والنجف خاصة، وما زلنا نحس بفراغ من فقده، أجل لقد انتقل إلى حضيرة القدس الأب الروحي لعموم المسلمين. ففقد النجف مصلحاً عظيماً هز المشاعر بقلمه وأرهب الباطل بصولته، وبعث الوعي في النفوس بيراعه. لقد عادت تلك الروح الطاهرة إلى الملأ الأعلى فانطفأت تلك الشعلة الوهاجة، وسكت ذلك القلب الكبير، وهدأت تلك الشخصية الفذة. لقد رحل عن هذا العالم المتعب بعد أن ترك آثاره الصالحة، وقدم خدماته الطيبة، وناضل بلسانه وقلمه، وجاهد جهادا ملأ الآفاق دويا حتى توفاه الله تعالى واستجاب لدعوة ربه، وهو نقي الصفحة طاهر الذيل، محمود السيرة طيب السريرة، لقد قال رحمه الله (ليس الشريف إلا أن يكدح الإنسان في معركة الحياة، والشريف من يخدم أمته خدمة تخلد ذكره، وتوجب عليهم في شريعة التكافؤ شكره).

لقد كان الفقيد صورة صادقة لأقواله هذه، فقد عاش ثمانين عاما، كلها علم وعمل وكفاح ونضال في سبيل الله والأمة والوطن يؤلف ويصنف ويدرس ويخطب ويهذب، وإنك لتقرأه من وراء رحلاته المباركة إلى مصر وبيروت والقدس والباكستان وإيران، ومن وراء مؤلفاته الحية التي سارت مسير النور في الظلام فهذا كتابه (أصل الشيع وأصولها) خدم به كل فرد من أفراد الطائفة خدمة تذكر فتشكر، فقد طبع هذا الأثر الخالد عشر مرات وانتشر في العالم الإسلامي وغيره وترجم إلى عدة لغات، وهذا كتابه (الدين ولإسلام) خدم به الإسلام والمسلمين إلى ما هنالك من مؤلفاته التي تربو عن الثمانين في مختلف العلوم.

هذا هو كاشف الغطاء في ذمة كل مسلم هذه الشخصية اللامعة، ففي مثل هذا الشهر ومثل هذا الأسبوع في اليوم المصادف (18) ذي القعدة ودع هذه الحياة مأسوفا عليه، [مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ‌].

صدق الله العلي العظيم‌

اسم الکتاب : الكلم الطيب المؤلف : كاشف الغطاء، علي    الجزء : 1  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست