responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الغيب والشهادة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 62

اعظم مسرّات الحياة وهي بعينها من اعظم واشّد دواعي الشقاء، وقد مرّت عليّ وعليك من الحوادث والوقائع مالا يكظمه صبر ولا يسليّ عنه أجر، ويقول بعض الفلاسفة الحياة كلها أحزان، الولادة حزن والكبر حزن والمرض حزن والاجتماع مع من لا نحب حزن والانفصال عمن تحب حزن وجميع علاقاتنا الخمس في حطام هذه أحزان. ويقول آخر خير للإنسان أن لا يولد، وإن ولد فليمت حالا، والحياة من أوّلها إلى آخرها شقاء وتعاسة، وسعادة الحياة ليست في حاضرها بل في الماضي قبل الحياة وفي المستقبل بعد الحياة، وهذه أوربا بلاد المسرّات لم أرَ في شعراء العالم من يستطيع أن يصف البؤس والتعاسة مثل ما يصفه شعراءها ولو لم يكن الشقاء ماثلا لهم بتلك الدّرجة لم يواتهم ذلك الخيال الرائق. فالعالم مملوء بالشرور وبدواهي الموت والأمراض والأوجاع والفقر والبلايا والمحن وفقدان الأحبة والانحطاط بعد الرفعة والذّلة بعد العزّة وليس فيه هناء ولا صفاء، ولو استسلمنا إلى شعورنا وحاسبنا الأيّام على حوادثها والحياة على أحوالها لرأينا هذا العالم من خلال حجاب أسود.

وإذا حسبت سني ثم نقصتها

زمن الهموم فتلك ساعة مولدي‌

فهذه الحكمة الفائقة في كلّ عمل من الأعمال من حيث تكونه المادّي، لا نرى منها شيئاً فيه من حيث تكونه الأدبي، ويتضح إنّ في هذا النظام نقصاً من جهة معلومة من حيث الأدب والمعنى لا يصلحه إلّا تبدل الغرائز وانقلاب الركائز، ويستحيل على عقولنا أنّ تقتنع إنّ هذا الحكيم المتقن الصنع ترك هذا العالم سدى من هذه الجهة بما فيه من نقص وظلم وإجحاف، ولابدّ من أن يسدّ هذا النقص ويتدارك هذا

اسم الکتاب : الغيب والشهادة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 62
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست