responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الغيب والشهادة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 11

من ذلك الوعاء الماّدي وترجع إليه كما فارقته يوم حشره بأمرٍ من بارئ النسم والقيوم في الأزل.

فمن أنكر المعاد وجحد يوم التناد فقد أنكر البرزخ. فاّن البرزخ باب الخلود ومجاز الديمومة والبقاء، وطريق مشهد يوم الجزاء، ومن أنكر الرّوح وأعتقد أنّ الإنسان لحم وعظام وأوردة وشرايين ومسالك ماثلة لدماء سائلة ليس في قوامه إلّا ماّدة جامدة وعناصر متساندة ركبت في أجهزة مدبّرة بمقادير مقدّرة مسخر في بنائه لنواميس مادية، ومسّير في صميمه لقوى طبيعية لم يستودع سراً ولم يكن لشهوده المحّدد غيب مجرد، والحياة مظهر تلك القوى وحركة ما ظهر واختفى، وليس الموت إلّا ان تنفلت تلك القوى عن موادّها، وتسكن تلك الخلايا في قرارها بعامل طبيعي ودافع مادي، وإذا اعتقدنا ذلك فلا يمكن لنا إن نعترف بأهوال القبر وعذابه ونعيمه وثوابه فهل للجماد نعيم وللحجارة جحيم؟ وهل يصح لعاقل أن يسخط على جنادل الوادي فيوسعها ضرباً ويقاومها حرباً إلّا أن تستأنف له الحياة ويبتدأ له الخلق؟ ويكوّن في أرحام الّلحود من دون أن يمّر في أصلاب الآباء والجدود فتنبض عروقه ويخفق قلبه وتنفتح منافسه وتعود دوارسه.

وهذا أمر لا يضيع على الحواس، ولم يشاهده الناس لابدّ فيه من غذاء ومّما يحتاج إليه في البقاء إذا فرضنا له استمراراً وزماناً، على أنّه خال من الحكمة وليس فيه معنى من السداد إذا كان فرضاً محدوداً وعملًا موّقتاً كمثل ومض البرق ووحي الخواطر بحيث يخفى على الحواس، وكيف يجمع عليه الحساب والثواب؟ ومتى يكون الاستجواب والجواب؟ والفرصة اقلّ من آن، وأدنى من عشر الثانية

اسم الکتاب : الغيب والشهادة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 11
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست