اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 44
مركبة، و قد بينا أن ذلك محال. و أما إن كان مرادهم من الصفة
الذاتية الأمر الخارج عن الذات فحينئذ نقول إن ذلك الأمر الخارج إما أن يكون صفة
حقيقية أو إضافية أو سلبية، و يجب أن يفسر قولهم الصفة الذاتية بأحد هذه الأقسام
حتى يصير معقولا.
و اعلم أن من الناس من أثبت واسطة بين الموجود و المعدوم و سماها
بالحال و زعم أن المراد بالصفات هو هذه الأحوال ثم قال الموجب لثبوت هذه الأحوال
إما ذات اللّه تعالى إما ابتداء أو بواسطة أحوال أخرى و هو الصفات الذاتية، و إما
أن يكون الموجب لثبوت هذه الأحوال معانى موجودة قائمة بذات اللّه تعالى، و هذا هو
الصفات المعنوية كالعالم و القادر.
و أما الصفات الفعلية: فليست عبارة عن حالة ثابتة لذات اللّه تعالى و
لا معنى قائم بذات اللّه تعالى بل هى عبارة عن مجرد صدور الآثار عنه، و لا معنى
للخالق إلا أنه وجد المخلوق منه بقدرته، و لا معنى للرازق إلا أنه وصل الرزق منه
إلى العبد بسبب إيصاله فهذا تمام البحث عن صفة الذات و صفة المعنى و صفة الفعل،
فأما إثبات الصفات المعنوية فقد تقدم الكلام فيه.
أما صفات الأفعال ففيها أيضا غور شديد و بحث عظيم، و تقريره: أنا إذا
قلنا إن كذا مؤثر فى كذا فكونه مؤثرا فيه إما أن يكون مفهوما سلبيا أو ثبوتيا و
الأول باطل، لأن صريح العقل يشهد بأن قولنا إن كذا ليس بمؤثر فى كذا سلب محض و عدم
صرف، و قولنا إنه مؤثر فيه نقيض قولنا ليس بمؤثر فيه و رفع السلب ثبوت، و أما إذا
كان المؤثر فيه أمرا ثبوتيا فهذا المفهوم إما أن يقال إنه نفس ذات المؤثر أو ذات
الأثر، و إما أن يكون ثالثا مغايرا لهما و القسمان الأولان باطلان لوجوه.
أحدها: أنه يمكننا أن نعقل ذات اللّه تعالى و ذات السماوات و الأرض
مع الشك فى أن المؤثر فى هذه السماوات و الأرض هو اللّه، أو مخلوق من مخلوقاته،
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 44