اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 43
و صفاته أكثر، و حينئذ يظهر أن هذا النوع من العلم بحر لا ساحل
له، و أن الملائكة المقربين و الأنبياء المرسلين و سكان الجنة و النار لو أنهم
اشتغلوا بذكر جلال اللّه و شرح نعوت كبريائه من أول وقت خلق الخلق إلى آخر أبد
الآباد ثم قابلوا ما ذكروه بما لم يذكروه و جدوا المذكور فى مقابلة غير المذكور
كالعدم بالنسبة إلى الوجود، لأن كل ما ذكروه و إن كان كثيرا فهو متناه و ما لم
يذكروه فهو غير متناه، و المتناهى لا نسبة له إلى غير المتناهى- و اللّه أعلم.
التقسيم لصفات اللّه تعالى
قال الأصحاب: صفات اللّه تعالى على ثلاثة أقسام: صفات ذاتية و صفات
معنوية و صفات فعلية، أما الصفات الذاتية فالمراد منها الألقاب الدالة على الذات
كالموجود و الشيء و القديم، و ربما جعلوا الألفاظ الدالة على السلوب من هذا الباب
كقولنا: واحد و غنى و قدوس، و أما الصفات المعنوية فالمراد بها الألفاظ الدالة على
معان قائمة بذات اللّه تعالى كقولنا عالم قادر حي. و أما الصفات الفعلية فالمراد
بها الألفاظ الدالة على صدور أثر من الآثار عن قدرة اللّه تعالى. هذا حاصل ما
قالوه.
و هاهنا بحث: و هو أن كل معقول يشير العقل إليه فذلك المشار إليه إما
ذات الشيء أو جزء داخل فى ماهية الذات، أو أمر خارج عن ماهية الذات، و الخارج عن
الذات إما أن يكون صفة حقيقية أو إضافية أو سلبية؛ أو ما تركب عن هذه الأمور، إذا
عرفت هذا فنقول: مراد المتكلمين من الصفة الذاتية لا بد و أن يكون أحد هذه الأقسام
لا جائز أن يكون مرادهم نفس الذات، لأن الشيء الواحد لا يعقل جعله صفة لنفسه، و
أيضا فعلى هذا التقدير تكون الصفات الذاتية للّه تعالى ألفاظا مترادفة؛ لأن
المفهوم من كل واحد منها هو الذات، و معلوم أن الكثرة فى الألفاظ لا عبرة بها فى
هذا الباب. و أما إن كان مرادهم من الصفات الذاتية الأمور الداخلة فى قوله الذات
فهذا يقتضي كون الحقيقة
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 43