اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 290
واجب العدم كان اعتقاد وجوده، و الإقرار بوجوده مستحق العدم،
فلا جرم يسمى هذا الاعتقاد و هذا الإقرار باطلا.
إذا عرفت هذا فنقول: الشيء إما أن يكون واجبا لذاته، أو ممتنعا
لذاته، أو ممكنا لذاته، أما الواجب لذاته فإنه حق محض لذاته، و أما الممتنع لذاته
فهو باطل محض لذاته، و الممكن لذاته فمثل هذا لا يترجح وجوده على عدمه إلا بإيجاد
موجد، فلو لم يوجد ذلك الموجد لبقى على العدم، فإذا كل ممكن فهو من حيث هو باطل و هالك،
فلهذا قال «كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ»
«1» و لهذا المعنى يقول العارفون: لا موجود فى الحقيقة إلا اللّه.
و أيضا فكل ممكن فهو إنما يكون موجودا بتكوين واجب الوجود، فواجب
الوجود هو الّذي يجعل كل ما سواه حقا، و هذا هو المراد من قوله:
«وَ يُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ» فهو سبحانه حق لذاته، و يحق الحق بكلماته، فما أحسن مطابقة هذه
الدلائل البرهانية على هذه الرموز القرآنية.
و لما ثبت أنه سبحانه حق لذاته، كان اعتقاد وجوده، و اعتقاد كونه
موصوفا بصفات التعالى و العظمة حق الاعتقادات، لأن المعتقد لما كان ممتنع التغير
امتنع تغير ذلك الاعتقاد من كونه حقا إلى كونه باطلا، و كذا الإقرار به و الإخبار
عن وجوده، فهو سبحانه أحق الحقائق بأن يكون حقا، و معرفته أحق المعارف بالحقيقة، و
الإقرار به أحق الأقوال بالحقية، ثم هاهنا سؤالات.
الأول: ما معنى قول الحسين بن منصور [الحلاج]: أنا الحق؟
و الجواب: أما القول بالاتحاد فظاهر البطلان، لأنه إذا اتحد شيئان
فإن بقيا فهما اثنان، و إن فنيا كان الثالث شيئا آخر، و إن بقى أحدهما و فنى الآخر
امتنع
______________________________
(1) جزء من الآية 88 من سورة القصص.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 290