اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 196
فأما إذا اجتمعت المعانى الثلاثة فى شيء فهو العزيز، ثم فى كل
واحد من هذه المعانى الثلاثة كمال و نقصان، فالكمال فى قلة الوجود أنه يرجع إلى
واحد، إذ لا أقل من الواحد، و يكون بحيث يستحيل وجود مثله، و ليس هذا إلا للّه؛
فإن الشمس و إن كانت واحدة فى الوجود، و لكنها ليست واحدة فى الإمكان لأنه يمكن
وجود مثلها.
و أما كونه منتفعا به فالكمال فيه أن يكون جميع المنافع حاصلة منه، و
لا يحصل من غيره، و ما ذاك إلا للّه سبحانه و تعالى، فإنه هو المبدئ لوجود جميع
الممكنات، فانه سبحانه هو الّذي يحتاج إليه كل شيء فى ذاته و صفاته و بقائه، أما
صعوبة الوصول إليه فالكمال فيه هو أن لا يكون لأجد قدرة عليه، و تكون قدرته على
الكل حاصلة، و الحق كذلك لأنه لا سبيل للعقول إلى الإحاطة بكنه صمديته، و لا سبيل
للإبصار إلى الإحاطة بعظيم جلاله، و لا سبيل لأحد من الخلق إلى القيام بشكر آلائه
و نعمائه، فثبت أن كمال هذه الصفات حاصلة للّه سبحانه و تعالى لا لغيره، فوجب
القطع بأنه سبحانه و تعالى هو العزيز المطلق».
هذا كله كلام ذلك الإمام، و لقد وفق فى تقريره، جعله اللّه هاديا له
إلى منازل الرضوان، و مدارج الغفران.
و أما حفظ العبد من هذا الاسم، فقال: العزيز من العباد من يحتاج إليه
خلق اللّه فى أهم أمورهم، و هى الحياة الأخروية، و السعادة الأبدية، و مثل هذا
الشخص مما يقل وجوده، و يصعب إدراكه، و هى مرتبة الأنبياء صلوات اللّه عليهم، و
يليهم الخلفاء الراشدون، ثم العلماء، ثم الملوك الذين يحكمون على وفق الدين و
الشرع، و عزة كل أحد بقدر علو رتبته فى الدين، فإنه كلما كانت هذه الصفة فيه أكمل
كان وجدان مثله أقل. و كان أشد عزة و أكمل رفعة، و لهذا قال تعالى: «وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ» «1».
______________________________
(1) جزء من الآية 8 من سورة (المنافقون).
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 196