اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 195
سمى الشيء الّذي يعسر وجدان مثله بالعزيز؛ فبان يسمى الشيء
الّذي يمتنع عقلا أن يكون له نظير بالعزيز أولى.
الثانى: أن يكون بمعنى الغالب الّذي لا يغلب. من عز يعز بضم العين فى
المستقبل، أى غلب يغلب.
و منه قوله تعالى: «وَ عَزَّنِي فِي
الْخِطابِ» «1» أى غلبنى، و تقول العرب:
من عزّ يعزّ أى من غلب سلب، فإذا قيل لمن غلب مع جواز أن يصير معلوما
أنه عزيز، فالغالب الّذي يمتنع أن يصير مغلوبا، و القاهر الّذي يستحيل أن يصير
مقهورا، الأولى أن يسمى بالعزيز.
الثالث: أن يكون بمعنى الشديد القوى، يقال عز يعز بفتح العين فى
المستقبل إذا اشتد و قوى، و منه قوله تعالى
«فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ» «2» أى
شددنا و قوينا، و إذا سمى القوى الّذي قد يضعف، و القادر الّذي قد يعجز بالعزيز،
فبأن يسمى القادر الّذي يستحيل فى حقه العجز عزيزا أولى.
الرابع: أن يكون بمعنى المعز. فعيل بمعنى مفعل، كالأليم بمعنى
المؤلم، و الوجيع بمعنى الموجع، و اعلم أن لفظ العزيز بالمعنى الأول يرجع إلى
التنزيه.
و بالثانى و الثالث إلى صفات الذات، و هى القدرة، و بالرابع إلى صفات
الفعل.
قال الغزالى: «العزيز هو الّذي يقل وجود مثله، و تشتد الحاجة إليه، و
يصعب الوصول إليه، فما لم تجتمع هذه المعانى الثلاثة فيه، لم يطلق عليه اسم
العزيز، فكم من شيء يقل وجوده، و لكن لا يحتاج إليه، فلا يسمى عزيزا، و قد يكون
بحيث لا مثل لها، و الانتفاع بها عظيم جدا، و لكن يسهل الوصول إليه، فلا يسمى
عزيزا كالشمس؛ فإنه لا مثيل لها، و الانتفاع بها عظيم جدا و لكنها لا توصف بالعزة،
فإنه لا يصعب الوصول إليها.
______________________________
(1) جزء من الآية 33 من سوره ص.
(2) جزء من الآية 14 من سوره يس.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 195