وقد تبيّن مّما ذكرناه أنّ موضوع وجوب الخمس على الذمّيّ هو شراء الذمّي الأرض من مسلم، فيدور أمر وجوب الخمس مداره، كما هو مقتضى الظاهر في صحيحة أبي عبيدة الحذّاء" أيّما ذمّي اشترى من مسلم أرضاً" فتترتّب أحكام الخمس على الشراء متى تجدّد بشرط أن يكون شراءً من مسلم.

ثمّ إنّ ما ذكرناه من كون شراء الذمّي الأرض من مسلم موضوعاً لوجوب الخمس يجري حتى على مبنانا من كون الخمس المأخوذ من الذمّي هنا هو الخمس جزية وليس الخمس المتعارف، فإنّ موضوع وجوب الجزية هو تحقّق شراء الذمّي الأرض من مسلم وإن انتقلت عنه إلى الذمّيّ بفسخ أو إقالة، ولا يجوز رجوع صاحب هذا الخمس إلى اليد المنتقل إليها الأرض بعد يد الذمّيّ إن كانت يداً مسلمة، سواءاً كانت اليد اللاحقة ليد الذمّيّ نفس اليد السابقة أم يداً أُخرى؛ لأنّ كون المنتقل إليه هو الذمّي قيد في موضوع وجوب هذا الخمس؛ لكونه جزية لا تثبت على مسلم. وحينئذ، فإذا نقلها الذمّي إلى ذمّي مثله اشتركا في وجوب دفع الخمس جزيةً، وجاز رجوع صاحب الخمس إلى أيّهما شاء، وإن نقلها إلى مسلم لا تنتقل الجزية إلى المسلم المشتري، من غير فرق بين أن يكون المسلم الذي انتقلت إليه الأرض من أهل الولاء من المسلمين أو من عامّتهم.