إذا اشتهر بعض العامة بالزهد
والتقوى والعبادة، فهل يكون دليلا على توثيقه واعتبار رواياته؟أقول:
لقد كثر الوضاعون بعد رسول الله (ص)، وهؤلاء على قسمين: قسم لا يرى الوضع والاختلاق
منافيا للزهد والورع إذا كان لهدف تربوي أو لتأييد مذهب أو لتعظيم إمام، وقد ورد
أن بعضهم اختلق أحاديث في فضل سور القرآن معلّلا ذلك بأنه رأى الناس قد انصرفوا عن
قراءة القرآن إلى مغازي الواقدي وغيره، فقيل له: إن الرسول (ص) يقول: " من
كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ". فقال: " أنا ما كذبت عليه،
وانما كذبت له ". [1]
وقسم آخر يكذب طمعا في الدنيا وحطامها كما ذكر المؤرخون أن معاوية كتب إلى عماله
في الآفاق: " لا تجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة، وانظروا من قبلكم
من شيعة عثمان ومحبيه وأهل بيته وأهل ولايته، والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا
مجالسهم وقرّبوهم وأكرموهم وشرفوهم .... ". [2]
ثم كتب معاوية إلى عماله: " إن
الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر ومن كل وجه وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا
فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين، ولا تتركوا خبرا
يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب