و المجتلبة أتوا النّبي صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم فسألوه فأذن لهم أن يدخلوا حلالا»[1]،
و صدر هذه الصحيحة محمول على الاستحباب جمعا بينهما و بين الصحيحتين السابقتين.
ثمّ
إنّ المذكور في الصحيحتين و إن كان وجوب الإحرام لدخول الحرم، إلّا أنّ المراد
صورة إرادة دخول مكة بقرينة أنّ هذا الحكم لأجل حرمة مكة، و انّ الداخل فيها من
خارج الحرم يجب أن يكون ناسكا و ليس مجرّد الإحرام بنسك، و إنّما يكون كذلك فيما
كان في ضمن العمرة أو الحج، و موضع بقية الأعمال في العمرة مكة، و لذا وقع السؤال
في بعض الروايات عن الدخول فيها بلا إحرام كصحيحة محمد بن مسلم قال: «سألت أبا
جعفر عليه السّلام هل يدخل الرجل مكة بغير إحرام؟ قال: لا، إلّا مريضا أو من به
بطن»[2]، و لا
يبعد اتحادها مع الصحيحة المتقدمة، و انّ الإختلاف فيهما حدث في نقل بعض الرواة، و
يستثنى من الحكم عدّة أشخاص:
الأول:
المريض الذي يكون في مشقّة من الدخول بالإحرام بشهادة ورود استثنائه في الروايات،
و ظاهرها من يكون مريضا عند دخوله مكة بأن لم يزل العلة قبل دخوله فيها، و لو زال
قبل ذلك يرجع إلى الميقات أو خارج الحرم و يحرم ثمّ يدخل.
الثاني: من
يدخل مكة بإحرام حج الإفراد أو القران أو بإحرام عمرة التمتع، فإنّ من يدخل فيها
كذلك يكون على الإحرام.
الثالث: من
يقتضي عمله و مهنته تكرّر الدخول و الخروج منها كالحطاب، و من يجلب حاجيات البلد
من خارجه، و قد ورد في ذيل صحيحة رفاعة بن موسى المتقدمة «انّ الحطابة و المجتلبة
أتوا النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فسألوه فأذن لهم أن يدخلوا
[1] وسائل الشيعة 12: 403 و 407، الباب 50 و 51 من
أبواب الإحرام، الحديث 3 و 2.