فقد يقال بدلالته على عدم تعلّق الزكاة
بأموالهم. إلّاأنّ هذا الاستظهار في غير محلّه؛ إذ الظاهر أنّ المنفي أخذ شيء
منهم غير الجزية بعنوان ما يحقن به دمائهم وذمتهم، لا بعنوان الزكاة والصدقة على
المال التي هي حق الفقراء في أموال الأغنياء مسلمين كانوا أو كفّاراً.
والقرينة على ذلك ما في سائر روايات الباب، ممّا يدلّ على أنّه كان
يؤخذ من أهل الذمة زائداً على الجزية خمس الأرض التي بأيديهم، أو يجعل على رؤوسهم
وعلى أموالهم معاً الجزية والضريبة، فهذه الصحيحة في مقام نفي أخذ شيء زائداً على
الجزية منهم أو من أموالهم في قبال أن تحقن دمائهم وأموالهم، لا بعنوان الصدقة
والزكاة الواجبة على مال المسلم أيضاً، فليس النفي شاملًا للزكاة في الصحيحة
جزماً.
هذا، مضافاً إلى أنّه حتى إذا ثبت عدم لزوم أخذ الزكاة والخمس من
الكفّار أو عدم أخذها منهم خارجاً في سيرة المسلمين فهذا لا يدلّ على عدم كونهم
مكلّفين شرعاً بذلك؛ إذ لا ملازمة بين كونهم مكلّفين بالفروع والواجبات الإسلامية
حتى المالية- بحيث يعاقبون على تركها إذا كانوا غير غافلين ولا مستضعفين أي قادرين
على معرفة الإسلام والتديّن به- وبين إلزامهم بذلك خارجاً كما يلزم المسلمون بها،
وهذا واضح.
وهكذا يتّضح أنّ الصحيح ما أفتى به الماتن والمشهور من تعلّق الزكاة
بمال الكافر كالمسلم.