الظهور المذكور ما ورد من تعبيراتهم من
أنّه يؤخذ مائة من الإبل إن كان القاتل من أصحاب الإبل، أو ألف من الغنم إن كان من
أصحاب الغنم، أو مائتا بقرة إن كان من أصحاب البقر، أو مائتا حلّة إن كان من أصحاب
الحلل، أو ألف دينار إن كان من أصحاب العين، أو عشرة آلاف درهم فضة إن كان من
أصحاب الورق، فإنّ هذا التعبير جاء في أكثر كلمات القدماء كالمفيد في المقنعة ([1])
و الشيخ في النهاية ([2]) بل صرَّح في المبسوط
بالتعيين حيث قال: «و كل من كان من أهل واحد من ذلك أخذ منه مع الوجود، فإذا لم
يوجد أخذ أحد الأجناس الاخر» ([3]).
و لا شك أنّ مقتضى الأصل العملي هو ما ذهب إليه المتأخرون من تخيير
الجاني ما لم يقم دليل على التعيين؛ إذ يشك من أول الأمر في اشتغال ذمة الجاني
بأحد الأصناف بالخصوص تعييناً، و الأصل عدمه، فلا يثبت عليه أكثر من اشتغال الذمة
بالجامع بينها، و هو معنى التخيير.
لا يقال: إنّ مقتضى استصحاب بقاء شغل ذمة الجاني
بالدية على إجمالها ما لم يدفع محتمل التعيين إنّما هو التعيين و الخروج اليقيني
عمّا اشتغلت ذمته به للمجني عليه.
فإنّه يقال: ليس الواجب تفريغ الذمّة
عن الدية بهذا العنوان الانتزاعي، و إنّما الواجب أداء واقع ما يستحقّه المجني
عليه و يملكه على الجاني، و هو مردّد بين ما هو مقطوع الأداء- لو كان الجامع
واجباً بنحو التخيير- و ما هو مشكوك أصل استحقاقه و اشتغال الذمّة به من أول
الأمر- و هو أحد الأصناف بخصوصيّته- و الأصل عدمه.