بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعالَمِينَ، و الصلاة و السلام على رسوله الأعظم و على آله الطاهرين، حماة
الشريعة الخاتمة، و قادة البشرية الصالحة.
و بعد فانّ هذا الكتاب يعبر في بحوثه عن ممارسة علمية قمت بها خلال
عطلة شهر رمضان المبارك سنة 1407 هجرية، تناولت فيها قاعدة الفراغ و التجاوز
بالبحث و الاستدلال المستقل، بعد أن كانت تبحث بشكل استطرادي خلال بعض البحوث
الاصولية بالمناسبة.
و قد رأيت انّ البحث عن هذه القاعدة و كذلك غيرها من القواعد الفقهية
مما يجدر الاهتمام به بشكل أساسي، لما في هذه القواعد من جوانب كلية و ثمرات عملية
و تطبيقات متنوعة، تستحق العرض المستقل و المتكامل، لكي تبرز اهميتها و دورها في
عمق حركة الاستنباط و الاستدلال الفقهي.
و الواقع انّ ما تركه لنا فقهاؤنا الاعلام (قدس اللّه اسرارهم) من
الثروة الفقهية و العلمية الضخمة رغم ما يتمتع به من عمق و أصالة و مرونة، فهي لا
تزال بحاجة الى جهد كثير و متواصل لاخراجها و عرضها بالمنهجية المناسبة و بالطريقة
الفنية، و من أهم الجوانب الفنية في كيفية عرض البحوث الفقهية الاستدلالية و منهجتها،
هو الفصل و التمييز بين الكليات و القواعد العامة في كل باب فقهي عن التفريعات و
التفاصيل الخاصة بكل مسألة أو تطبيق من تطبيقات الفروع الفقهية.
ذلك أنّ عملية الاستدلال الفقهي تتألف عادة من عناصر مختلفة،
بالامكان تصنيفها من الناحية المنهجية الى قسمين رئيسيين: