لا تخرجون عن الشرع كالوصيّة لهم قبل إخراج جميع الواجبات ، وحرمان الصغار
فإذا ظرف «حضر» و «الوصيّة» مرفوعة بكتب ، والتذكير لأنّه بتأويل أن توصوا أو
الإيصاء أو أنّه مصدر. ولهذا ذكّر الضمير في قوله (فَمَنْ بَدَّلَهُ) و (يُبَدِّلُونَهُ) أو لكون التأنيث غير حقيقيّ وأمّا ما قاله القاضي من أنّ
سبب تذكير الفعل يعني «كتب» وقوع الفصل بينه وبين الوصيّة ، فقد علمت أنّه ممّا لا
يحتاج إليه ، على أنّه يوهم أنّه لو لم يكن الفصل لم يصحّ التذكير مع أنّه يصحّ
لما مرّ.
وقيل : معناه
فرض عليكم الوصيّة في حال الصحّة أن تقولوا إذا حضرنا الموت فافعلوا كذا وكذا وهو
بعيد ، و «حقّا» مفعول مطلق للمفهوم من مضمون الجملة للتأكيد يعني ثبت ذلك ووجب
وحقّ حقّا وواجبا وثابتا على الّذين يتّقون من عذاب الله ، ويتّقون معاصيه ،
فكأنّهم خصّوا بعد فهم التعميم من «عليكم» لشرفهم وكثرة انتفاعهم وصلاحيتهم
لمخاطبة الله تعالى ، وبالمعروف إمّا متعلّق بالوصيّة أو بمقدّر حال عنها.
ثمّ اعلم أنّه
قال في الكشّاف : إنّ الوصيّة كانت في بدو الإسلام واجبة ، فنسخت بآية المواريث ،
وبقوله عليهالسلام إنّ الله أعطى كلّ ذي حقّ حقّه ، ألا لا وصيّة لوارث
وتلقّاه الأمّة بالقبول ، حتّى لحق بالمتواتر ، وإن كان من الآحاد ، وفيه نظر إذ
لا منافاة بين الإرث والوصيّة كما أنّه لا منافاة بينه وبين الدّين فيخرج أوّلا
الدّين ثمّ الوصيّة ، ثمّ يعطى الإرث ، وأيضا قد يكون من الأقارب غير وارث ، فكيف
ينسخ بالخبر ، وأيضا قد ينسخ الوجوب ويبقى الجواز الأصلي أو الشرعيّ على ما قيل ،
فلا يحرم الوصيّة لهم كما يقولون ، وأيضا كون الخبر صحيحا أو متواترا غير ظاهر ،
ويفهم من كلامه أيضا وتلقّى جميع الأمّة له بالقبول غير ظاهر ، بل الأكثر بل
الظاهر عدمه أيضا مع أنّه ليس بحجّة ينسخ بها القرآن القطعيّ فيمكن حينئذ حمله على
تقدير ثبوته على الوصيّة الغير الجائزة كما إذا زاد على الثلث كما قيل ، فحملها
على الاستحباب غير بعيد ، فيكون الحكم باقيا وسبب التخصيص بالآباء والأقارب ،
تأكيد الحكم فيهم ، و «كتب» بمعنى ندب ، بدليل الإجماع