اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 9 صفحة : 297
اضطراب ولا خوف ولا حزن ، وقواها بعضهم بأن الأصل في الضمير أن يعود إلى
أقرب مذكور. وليس هذا بشيء.
وذهب آخرون إلى
أن الضمير يعود إلى النبي صلىاللهعليهوآله وأن إنزال السكينة عليه لا يقتضي أن يكون خائفا أو
مضطربا أو منزعجا. وهذا ضعيف لعطف إنزال السكينة على ما قبلها الدال على وقوعه
بعده وترتبه عليه ، وأن نزولها وقع بعد قوله لصاحبه : لا تحزن. انتهى.
أما ما ذكروه
من عدم طرو خوف واضطراب عليه ( صلىاللهعليهوآله ) وقتئذ فإن كانوا استفادوه من عدم ذكر شيء من ذلك في
الآية أو في رواية معتمد عليها فكلامه تعالى في قصة حنين والحديبية أيضا خال عن
ذكر النبي صلىاللهعليهوآله بخوف أو حزن أو اضطراب ، ولم ترد رواية معتمد عليها تدل
على ذلك فكيف استقام ذكر نزول السكينة عليه صلىاللهعليهوآله فيهما؟.
وإن قالوا
باستلزام إنزال السكينة الاضطراب والخوف والحزن فهو ممنوع كما تقدم كيف؟ ونزول
نعمة من النعم الإلهية لا يتوقف على سبق الاتصاف بحالة مضادة لها ونقمة مقابلة لها
كنزول الرحمة بعد الرحمة والنعمة بعد النعمة والإيمان والهداية بعد الإيمان
والهداية وغير ذلك ، وقد نص القرآن الكريم بأمور كثيرة من هذا القبيل.
وأما قوله : إن
رجوع الضمير إلى النبي صلىاللهعليهوآله ضعيف لعطف إنزال السكينة على ما قبلها الدال على وقوعه
بعده وترتبه عليه وأن نزولها وقع بعد قوله لصاحبه :
لا تحزن.
انتهى.
ففيه : أنه لا
ريب أن فاء التفريع تدل على ترتب ما بعدها على ما قبلها ووقوعه بعده لكن بعدية رتبية
لا بعدية زمانية ولم يقل أحد بوجوب كونها زمانية دائما.
فمن الواجب
فيما نحن فيه أن يترتب قوله : «
فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ » على ما تقدم عليه من الكلام لا على ما هو أقرب إليه من
غيره إلا على القول بأن الأصل في الضمير أن يعود إلى أقرب مذكور ، وقد ضعفه في
سابق كلامه.
والذي يصلح من
سابق ليتعلق به التفريع المذكور هو قوله : فقد نصره الله في كذا وكذا وقتا وتفرع
هذه الفروع عليه من قبيل تفرع التفصيل على الإجمال والسياق على استقامته : « فقد
نصره الله في وقت كذا فأنزل سكينته عليه وأيده
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 9 صفحة : 297