responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 6  صفحة : 179

فسمى النفس دما بل الدم نفسا سائلة أو غير سائلة.

وربما دعا الإنسان ما يشاهده من أمر النطفة أن المني حينما يلتقمه الرحم ويطرؤه التطور الكوني طورا بعد طور هو الذي يصير إنسانا ، أن يذهب إلى أن النفس الإنسانية هي الأجزاء الأصلية المجتمعة في النطفة ، وهي باقية في البنية البدنية مدى الحياة ، وربما ذهب الذاهب إلى أنها مصونة عن التغير والبطلان ، وأن الإنسانية باقية ببقائها لا تنالها يد الحدثان ولا أنها تقبل البطلان والانعدام مع أن النفس الإنسانية لو كانت هذه الأجزاء المنعوتة سواء اشترطنا فيها الاجتماع على هيئة خاصة أو لم نشترط استلزم ذلك القول بمحالات كثيرة مذكورة في محله.

فهذه الأقاويل وأمثالها لا تنافي ما يناله الإنسان وهو إنسان من حقيقة قوله : « أنا » و « نفسي » ولا يخطئ فيه البتة إذ ليس من البعيد أن نكون ندرك حقيقة من الحقائق الكونية إجمالا إدراكا غير خاطئ ثم نأخذ في البحث عن هويته وواقع أمره تفصيلا فنخطئ فيه عند ذاك ؛ فهناك موضوعات علمية كثيرة كالمحسوسات الظاهرية أو الباطنية نشاهدها مشاهدة عيان ـ على الرغم من السوفسطائيين والشكاكين ـ ثم العلماء لا يزالون يختلفون في أمرها خلفا عن سلف.

وكذلك العامة من غير أهل البحث يشاهدون من أنفسهم ما يشاهده الخاصة من غير فرق البتة وهم على جهل من أمر تفصيله عاجزون عن تفسير خصوصيات وجوده.

وبالجملة مما لا ريب فيه أن الإنسان في جميع أحيان وجوده يشاهد أمرا غير خارج منه يعبر عنه بأنا ونفسي ، وإذا لطف نظره وتعمق خائضا فيما يجده في مشاهدته هذه وجده شيئا على خلاف ما يجده من الأمور الجسمانية القابلة للتغير والانقسام والاقتران بالمكان والزمان ، ووجده غير هذا البدن المادي المحكوم بأحكام المادة بأعضائه وأجزائه فإنه ربما نسي أي عضو من أعضائه أو غفل عن جميع بدنه وهو لا ينسى نفسه ولا يغفل عنها ، دع عنك ما ربما تقوله : نسيت نفسي ، غفلت عن نفسي ، ذهلت عن نفسي فهذه مجازات عن عنايات نفسانية مختلفة ، ألا ترى أنك تسند النسيان والغفلة والذهول حينئذ إلى نفسك وتحكم بأن نفسك الشاعرة شعرت بأمر وغفلت عن أمر تسميه نفسك كالبدن ونحوه؟.

اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 6  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست