إِنِّي زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي- فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع: أَ بِكَ جُنَّةٌ فَقَالَ: لَا- قَالَ أَ فَتَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئاً قَالَ: نَعَمْ- فَقَالَ لَهُ: مِمَّنْ أَنْتَ فَقَالَ: أَنَا مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ جُهَيْنَةَ قَالَ: اذْهَبْ حَتَّى أَسْأَلَ عَنْكَ فَسَأَلَ عَنْهُ، قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا رَجُلٌ صَحِيحُ الْعَقْلِ مُسْلِمٌ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي، فَقَالَ:
وَيْحَكَ أَ لَكَ زَوْجَةٌ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكُنْتَ حَاضِرَهَا أَوْ غَائِباً عَنْهَا قَالَ: بَلْ كُنْتُ حَاضِرَهَا- قَالَ: اذْهَبْ حَتَّى نَنْظُرَ فِي أَمْرِكَ، فَجَاءَ إِلَيْهِ الثَّالِثَةَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فِي الرَّابِعَةِ، فَقَالَ: إِنِّي زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي، فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِحَبْسِهِ ثُمَّ نَادَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَحْتَاجُ أَنْ نُقِيمَ عَلَيْهِ حَدَّ اللَّهِ- فَاخْرُجُوا مُتَنَكِّرِينَ لَا يَعْرِفُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَ مَعَكُمْ أَحْجَارُكُمْ- فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَخْرَجَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِالْغَلَسِ[1] وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ حَفَرَ حَفِيرَةً وَ وَضَعَهُ فِيهَا ثُمَّ نَادَى: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ حُقُوقُ اللَّهِ لَا يَطْلُبُهَا مَنْ كَانَ عِنْدَهُ لِلَّهِ حَقٌّ مِثْلُهُ- فَمَنْ كَانَ لِلَّهِ عَلَيْهِ حَقٌّ مِثْلُهُ فَلْيَنْصَرِفْ- فَإِنَّهُ لَا يُقِيمُ الْحَدَّ مِنَ اللَّهِ مَنْ لِلَّهِ عَلَيْهِ الْحَدُّ- فَانْصَرَفَ النَّاسُ فَأَخَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع حَجَراً فَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ فَرَمَاهُ- ثُمَّ أَخَذَ الْحَسَنُ ع مِثْلَهُ- ثُمَّ فَعَلَ الْحُسَيْنُ ع مِثْلَهُ فَلَمَّا مَاتَ أَخْرَجَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ صَلَّى عَلَيْهِ- فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ لَا تُغَسِّلُهُ قَالَ: قَدِ اغْتَسَلَ بِمَا هُوَ مِنْهَا طَاهِرٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع: أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ أَتَى هَذِهِ الْقَاذُورَةَ[2] فَلْيَتُبْ إِلَى اللَّهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ- فَوَ اللَّهِ لَتَوْبَةٌ إِلَى اللَّهِ فِي السِّرِّ- لَأَفْضَلُ مِنْ أَنْ يَفْضَحَ نَفْسَهُ وَ يَهْتِكَ سِتْرَهُ.
[1]. الْغَلَسُ بِالتَّحْرِيكِ: الظُّلْمَةُ آخِرَ اللَّيْلِ.
[2]. الْفَاحِشَةُ الزِّنَا وَ مِنْهُ قَوْلُهُ ع:« أَيُّهَا النَّاسُ اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا». مجمع