بِهِ- انْتَفَخَ صَدْرُهُ وَ دَخَلَهُ الرُّعْبُ مِنْهُمْ- وَ تَرَكَ قَوْلِي وَ لَمْ يُطِعْ أَمْرِي، وَ إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَمَرَنِي عَنِ اللَّهِ أَنْ أَبْعَثَ إِلَيْهِمْ فُلَاناً مَكَانَهُ- فِي أَصْحَابِهِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ- فَسِرْ يَا فلانا [فُلَانُ] عَلَى اسْمِ اللَّهِ وَ لَا تَعْمَلْ كَمَا عَمِلَ أَخُوكَ- فَإِنَّهُ قَدْ عَصَى اللَّهَ وَ عَصَانِي وَ أَمَرَهُ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْأَوَّلَ- فَخَرَجَ وَ خَرَجَ مَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ الْأَوَّلِ- يَقْتَصِدُ بِهِمْ فِي سَيْرِهِمْ حَتَّى شَارَفَ الْقَوْمَ- وَ كَانَ قَرِيباً مِنْهُمْ بِحَيْثُ يَرَاهُمْ وَ يَرَوْنَهُ، وَ خَرَجَ إِلَيْهِمْ مِائَتَا رَجُلٍ- فَقَالُوا لَهُ وَ لِأَصْحَابِهِ مِثْلَ مَقَالَتِهِمْ لِلْأَوَّلِ- فَانْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ النَّاسُ مَعَهُ- وَ كَادَ أَنْ يَطِيرَ قَلْبُهُ مِمَّا رَأَى مِنْ عُدَّةِ الْقَوْمِ وَ جَمْعِهِمْ- وَ رَجَعَ يَهْرُبُ مِنْهُمْ.
فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ ع فَأَخْبَرَ مُحَمَّداً ص بِمَا صَنَعَ هَذَا- وَ أَنَّهُ قَدِ انْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ- فَصَعِدَ النَّبِيُّ ص الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ- وَ أَخْبَرَ بِمَا صَنَعَ هَذَا وَ مَا كَانَ مِنْهُ- وَ أَنَّهُ قَدِ انْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ- مُخَالِفاً لِأَمْرِي عَاصِياً لِقَوْلِي، فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ مِثْلَ مَا أَخْبَرَهُ بِهِ صَاحِبُهُ- فَقَالَ لَهُ يَا فُلَانُ عَصَيْتَ اللَّهَ فِي عَرْشِهِ- وَ عَصَيْتَنِي وَ خَالَفْتَ قَوْلِي- وَ عَمِلْتَ بِرَأْيِكَ أَلَا قَبَّحَ اللَّهُ رَأْيَكَ- وَ أَنَّ جَبْرَئِيلَ ع قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أَبْعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ يَفْتَحُ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَدَعَا عَلِيّاً ع وَ أَوْصَاهُ- بِمَا أَوْصَى بِهِ الْأَوَّلَ وَ الثَّانِيَ وَ أَصْحَابَهُ الْأَرْبَعَةَ آلَافِ فَارِسٍ- وَ أَخْبَرَهُ أَنَّ اللَّهَ سَيَفْتَحُ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَصْحَابِهِ.
فَخَرَجَ عَلِيٌّ ع وَ مَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ فَسَارَ بِهِمْ سَيْراً غَيْرَ سَيْرِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَعْنَفَ بِهِمْ فِي السَّيْرِ- حَتَّى خَافُوا أَنْ يَنْقَطِعُوا مِنَ التَّعَبِ وَ تَحْفَى[1] دَوَابُّهُمْ- فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَخَافُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَدْ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ- وَ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ سَيَفْتَحُ عَلَيَّ وَ عَلَيْكُمْ- فَأَبْشِرُوا فَإِنَّكُمْ عَلَى خَيْرٍ، وَ إِلَى خَيْرٍ- فَطَابَتْ نُفُوسُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ وَ سَارُوا عَلَى ذَلِكَ السَّيْرِ وَ التَّعَبِ- حَتَّى إِذَا كَانُوا قَرِيباً مِنْهُمْ حَيْثُ يَرَوْنَهُمْ وَ يَرَاهُمْ
[1]. حَفِيَ الْفَرَسُ: انْقَشَرَ حَافِرُهُ مِنْ كَثْرَةِ السَّيْرِ. ج. ز