خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى- فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى قَالَ: هَوَى الْعَبْدِ إِذَا وَقَفَ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَ قَدَرَ عَلَيْهَا- ثُمَّ تَرَكَهَا مَخَافَةَ اللَّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنْهَا فَمُكَافَاتُهُ الْجَنَّةُ قَوْلُهُ يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قَالَ: مَتَى تَقُومُ- قَالَ اللَّهُ: إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها أَيْ عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ- قَوْلُهُ: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها قالَ: بَعْضُ يَوْمٍ.
80 سُورَةُ عَبَسَ مَكِّيَّةٌ 42
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- عَبَسَ وَ تَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَثْكَنَ[1] و ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ
وَ كَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ مُؤَذِّناً لِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ كَانَ
[1]. قَالَ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ: أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ الَّذِى عَبَسَ وَ تَوَلَّى هُوَ الرَّسُولُ ص، وَ ذَكَرَ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي مَجْلِسٍ فِي نَاسٍ مِنْ وُجُوهِ قُرَيْشٍ مِنْهُمْ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ فَيَقُولُ لَهُمْ: أَ لَيْسَ حَسَناً إِنْ جِئْتَ بِكَذَا وَ كَذَا فَيَقُولُونَ: بَلَى وَ اللَّهِ فَجَاءَ ابْنُ مَكْثُومٍ وَ هُوَ مُشْتَغِلٌ بِهِمْ فَسَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ... وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَ هُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى قَالَ شَيْخُنَا الطُّوسِيُّ فِي التِّبْيَان: وَ هَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّ النَّبِيَّ ص قَدْ أَجَلَّ اللَّهُ قَدْرَهُ عَنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ، وَ كَيْفَ يَصِفُهُ بِالْعُبُوسِ وَ التَّقْطِيبِ وَ قَدْ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ« عَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ» وَ قَالَ« وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ» وَ كَيْفَ يُعْرَضُ عَمَّنْ تَقَدَّمَ وَصْفُهُ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى« وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ» وَ مَنْ عَرَفَ النَّبِيَّ ص وَ حُسْنَ أَخْلَاقِهِ وَ مَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَ حُسْنِ الصُّحْبَةِ حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يُصَافِحْ أَحَداً قَطُّ فَيَنْزِعَ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ الَّذِي يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ.
فَمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ كَيْفَ يُقَطِّبُ فِي وَجْهِ أَعْمَى جَاءَ يَطْلُبُ الْإِسْلَامَ، عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مُنَزَّهُونَ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنْفِيرِ عَنْ قَبُولِ قَوْلِهِمْ، وَ قَالَ قَوْمٌ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي الرَّجُلِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ كَانَ وَاقِفاً مَعَ النَّبِيِّ ص فَلَمَّا أَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ تَنَفَّرَ مِنْهُ، وَ جَمَعَ نَفْسَهُ وَ عَبَسَ فِي وَجْهِهِ فَحَكَى اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ وَ أَنْكَرَهُ مُعَاتَبَةً عَلَى ذَلِكَ. ج. ز