و أما قوله يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا أي لا تقولوا تخليطا[2] و قولوا
أفهمنا- و قوله ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ
مِنْها أَوْ مِثْلِها فقوله ننسها أي نتركها و نترك حكمها- فسمى الترك بالنسيان في
هذه الآية- و قوله «أَوْ مِثْلِها» فهي زيادة إنما نزل «نأت بخير مثلها»
[1]. لا يخفى أن هذه الرواية و إن كان ظاهرها مما
ينكره العقل و النقل لكونه قادحا في قداسة الملائكة الذين لا يعصون اللَّه طرفة
عين لأنهم عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ، و أنه
قد ورد في الباب أخبار رادة لها كالخبر المروي في تفسير الإمام العسكري عليه
السلام، إلا أن التأمل الدقيق يعطي عدم منافاتها للعقل- لأن عصيان الملائكة مستحيل
مع كونهم كذلك- أما بعد أن أعطاهما اللَّه تعالى ما للبشر من القوى الشهوية و
الإحساسات النفسانية- كما يظهر من الرواية- فظاهره صيرورتهما بشراً أو مثل البشر
في فقدان العصمة و إمكان المعصية، و إشكال الفلاسفة بعدم إمكان انقلاب الماهيات
مدفوع، بعموم قدرة اللَّه تعالى، و المعاجز الصادرة عن المعصومين عليه السلام
شاهدة على ذلك- لكنه قد ورد في تفسير الإمام العسكري عليه السلام ما يرد هذا الخبر
فحينئذ يؤخذ بالأوضح متناً و الأوثق سنداً و يعمل بالمرجحات كما هو المناط في باب
اختلاف الروايتين و لما لم يكن ثمة ثمرة عملية لم نطل الكلام في تنقيح المقام ج-
ز.