فقال وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ- إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ- يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً- إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي- فَطَرَنِي أَ فَلا تَعْقِلُونَ
قَالَ إِنَّ عَاداً كَانَتْ بِلَادُهُمْ فِي الْبَادِيَةِ- مِنَ الشَّقِيقِ إِلَى الْأَجْفَرِ أَرْبَعَةَ مَنَازِلَ- وَ كَانَ لَهُمْ زَرْعٌ وَ نَخِيلٌ كَثِيرٌ- وَ لَهُمْ أَعْمَارٌ طَوِيلَةٌ وَ أَجْسَامٌ طَوِيلَةٌ- فَعَبَدُوا الْأَصْنَامَ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ هُوداً يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَ خَلْعِ الْأَنْدَادِ- فَأَبَوْا وَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهُودٍ وَ آذَوْهُ- فَكَفَّتِ السَّمَاءُ عَنْهُمْ سَبْعَ سِنِينَ حَتَّى قُحِطُوا- وَ كَانَ هُودٌ زَرَّاعاً وَ كَانَ يَسْقِي الزَّرْعَ- فَجَاءَ قَوْمٌ إِلَى بَابِهِ يُرِيدُونَهُ، فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمُ امْرَأَةٌ شَمْطَاءُ عَوْرَاءُ[1] فَقَالَتْ مَنْ أَنْتُمْ فَقَالُوا نَحْنُ مِنْ بِلَادِ كَذَا وَ كَذَا أَجْدَبَتْ بِلَادُنَا- فَجِئْنَا إِلَى هُودٍ نَسْأَلُهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ حَتَّى تُمْطَرَ- وَ تُخْصِبَ بِلَادُنَا، فَقَالَتْ لَوِ اسْتُجِيبَ لِهُودٍ لَدَعَا لِنَفْسِهِ- فَقَدِ احْتَرَقَ زَرْعُهُ لِقِلَّةِ الْمَاءِ، قَالُوا فَأَيْنَ هُوَ قَالَتْ هُوَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا فَجَاءُوا إِلَيْهِ- فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ أَجْدَبَتْ بِلَادُنَا وَ لَمْ تُمْطَرْ- فَاسْأَلِ اللَّهَ أَنْ يُخْصِبَ بِلَادُنَا وَ تُمْطَرَ- فَتَهَيَّأَ لِلصَّلَاةِ وَ صَلَّى وَ دَعَا لَهُمْ- فَقَالَ لَهُمُ ارْجِعُوا فَقَدْ أُمْطِرْتُمْ- وَ أَخْصَبَتْ بِلَادُكُمْ، فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّا رَأَيْنَا عَجَباً قَالَ وَ مَا رَأَيْتُمْ فَقَالُوا رَأَيْنَا فِي مَنْزِلِكَ امْرَأَةً شَمْطَاءَ عَوْرَاءَ- قَالَتْ لَنَا مَنْ أَنْتُمْ وَ مَا تُرِيدُونَ- قُلْنَا جِئْنَا إِلَى هُودٍ لِيَدْعُوَ اللَّهَ فَنُمْطَرَ- فَقَالَتْ لَوْ كَانَ هُودٌ دَاعِياً لَدَعَا لِنَفْسِهِ- فَإِنَّ زَرْعَهُ قَدِ احْتَرَقَ- فَقَالَ هُودٌ تِلْكَ أَهْلِي- وَ أَنَا أَدْعُو اللَّهَ لَهَا بِطُولِ الْبَقَاءِ- فَقَالُوا وَ كَيْفَ ذَلِكَ- قَالَ لِأَنَّهُ مَا خَلَقَ اللَّهُ مُؤْمِناً- إِلَّا وَ لَهُ عَدُوٌّ يُؤْذِيهِ وَ هِيَ عَدُوَّتِي- فَلَأَنْ يَكُونَ عَدُوِّي مِمَّنْ أَمْلِكُهُ- خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَدُوِّي مِمَّنْ يَمْلِكُنِي، فَبَقِيَ هُودٌ فِي قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ- وَ يَنْهَاهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ- حَتَّى تُخْصِبَ بِلَادُهُمْ- وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمَطَرَ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ- ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً- وَ يَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَ لا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ فَقَالُوا كَمَا حَكَى اللَّهُ يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ- وَ ما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ- وَ ما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ- فَلَمَّا لَمْ يُؤْمِنُوا- أَرْسَلَ اللَّهُ
[1]. الشَّمَطُ مُحَرَّكَةً بَيَاضُ الرَّأْسِ خَالَطَهُ سَوَادٌ وَ الْعَوَرُ: مُحَرَّكَةً ذَهَابُ حِسِّ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ ق