هو عام في جميع الكفار، فقال اللّه تعالي (فَكانَ عاقِبَتَهُما) يعني عاقبة الفريقين الداعي و المدعو من الشيطان و من أغواه و المنافقين و اليهود (أَنَّهُما فِي النّارِ) معذبان فيها، و العاقبة نهاية العمل في البادية، فعاقبة الطاعة للّه تعالي الجنة، و عاقبة معصيته النار (خالِدَينِ فِيها) أي مؤبدين فيها معذبين ثم قال (وَ ذلِكَ جَزاءُ الظّالِمِينَ) لأنفسهم بارتكاب المعاصي.
ثم خاطب المؤمنين فقال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ) باجتناب معاصيه و فعل طاعاته (وَ لتَنظُر نَفسٌ ما قَدَّمَت لِغَدٍ) أي تنظر و تفكر ما ألذي تقدمه من الافعال ليوم القيامة من طاعة او معصية (وَ اتَّقُوا اللّهَ) باجتناب معاصيه و فعل طاعاته (إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِما تَعمَلُونَ) أي عالم بأعمالكم لا يخفي عليه شيء منها فيجازيكم بحسبها علي الطاعات بالثواب و علي المعاصي بالعقاب. و قيل معناه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ) فيما تقدم نفس لغد (وَ اتَّقُوا اللّهَ) فيما يعلمه منكم، و ليس ذلک بتكرار ثم قال (وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللّهَ فَأَنساهُم أَنفُسَهُم) أي كالذين تركوا أداء حق اللّه فإنهم نسوه فأنساهم أنفسهم بأن حرمهم حظوظهم من الخير و الثواب، و قال سفيان: نسوا حق اللّه فأنساهم حظ أنفسهم. و قيل: نسوا اللّه بترك ذكره و الشكر و التعظيم فأنساهم أنفسهم بالعذاب ألذي نسي به بعضهم بعضاً، کما قال تعالي (فَإِذا دَخَلتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلي أَنفُسِكُم)[1] أي يسلم بعضكم علي بعض ثم اخبر عنهم فقال (أُولئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ) الّذين خرجوا من طاعته إلي معصيته.
و قوله (لا يَستَوِي أَصحابُ النّارِ وَ أَصحابُ الجَنَّةِ) أي لا يتساويان، لان هؤلاء مستحقون للنار و أولئك مستحقون لثواب الجنة، ثم قال (أَصحابُ الجَنَّةِ هُمُ الفائِزُونَ) بثواب اللّه. و لا يدل علي أن من معه إيمان و فسق لا يدخل الجنة،