العرب کما حقت علي من قبلهم.
ثم اخبر تعالي عن حال الملائكة و عظم منزلتهم بخلاف ما عليه الكفار من البشر، فقال «الَّذِينَ يَحمِلُونَ العَرشَ» عبادة للّه تعالي و امتثالا لأمره «وَ مَن حَولَهُ» يعني الملائكة الّذين حول العرش يطوفون به و يلجئون اليه «يُسَبِّحُونَ بِحَمدِ رَبِّهِم» أي ينزهونه عما لا يليق به و يحمدونه علي نعمه «وَ يُؤمِنُونَ بِهِ» أي و يصدقون به و يعترفون بوحدانيته «وَ يَستَغفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا» أي يسألون اللّه المغفرة للذين آمنوا- من البشر- أي صدقوا بوحدانيته و اعترفوا بالالهية.
و يقولون: ايضاً مع ذلک «رَبَّنا وَسِعتَ كُلَّ شَيءٍ رَحمَةً وَ عِلماً» و نصبهما علي التميز و معناه وسعت رحمتك أي نعمتك و معلومك کل شيء، فنقل الفعل إلي الموصوف علي وجه المبالغة، کما قالوا: طبت به نفساً، و جعل العلم في موضع المعلوم، کما قال «وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِن عِلمِهِ»[1] أي بشيء من معلومه علي التفصيل، و تقديره:
وسعت رحمتك و علمك کل شيء، و يقولون أيضاً ربنا «فَاغفِر لِلَّذِينَ تابُوا» من معاصيك و رجعوا إلي طاعتك «وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ» ألذي دعوت خلقك اليه من التوحيد و إخلاص العبادة «وَ قِهِم عَذابَ الجَحِيمِ» أمنع منهم عذاب جهنم لا يصل اليهم، و حذف يقولون قبل قوله «ربنا» لأنه مفهوم من الكلام.
و استغفارهم للذين تابوا يدل علي ان إسقاط العقاب غير واجب لأنه لو کان واجباً لما کان يحتاج إلي مسألتهم بل اللّه تعالي کان يفعله لا محالة.
ثم حكي تمام ما يدعوا به حملة العرش و الملائكة للمؤمنين، فإنهم يقولون ايضاً «رَبَّنا وَ أَدخِلهُم» مع قبول توبتك منهم و وقاية النار