مكة إلي المدينة او هاجروا من دار الحرب إلي دار الإسلام «الَّذِينَ أُخرِجُوا مِن دِيارِهِم وَ أَموالِهِم» ألذي کان لهم بمكة فأخرجوا منها «يَبتَغُونَ فَضلًا» أي طالبين بذلك فضلا «مِنَ اللّهِ وَ رِضواناً» فالجملة في موضع الحال «وَ يَنصُرُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ» يعني ناصرين لدين اللّه و رسوله «أُولئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ» عند اللّه في الحقيقة العظيمو المنزلة لديه. و قيل: تقدير الآية «كَي لا يَكُونَ دُولَةً بَينَ الأَغنِياءِ مِنكُم» بل للفقراء المهاجرين.
ثم وصف الأنصار فقال «وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدّارَ وَ الإِيمانَ مِن قَبلِهِم» أي جعلوا ديارهم موضع مقامهم و آمنوا بالله من قبلهم نزلت في الأنصار، فإنهم نزلوا المدينة قبل نزول المهاجرين. و قيل ان کل من نزل بالمدينة قبل هجرة النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله فهو من الأنصار.
و قوله «وَ الإِيمانَ مِن قَبلِهِم» يعني إن الأنصار آمنوا قبل هجرة المهاجرين و إن کان في المهاجرين من آمن قبل إيمان الأنصار «يُحِبُّونَ مَن هاجَرَ إِلَيهِم» من اهل مكة «وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِم حاجَةً مِمّا أُوتُوا» قال الحسن يعني حسداً، قال الزجاج: معناه لا تجد الأنصار في نفوسهم حاجة مما يعطون المهاجرين. و قال البلخي:
لا يجدون حاجة في نفوسهم مما يؤتون المهاجرين من الفضل في الدين، و قال الطبري:
معناه لا يجدون في نفوسهم حاجة فيما أعطي المهاجرين من مال بني النضير، فان النبي خص به المهاجرين إلا رجلين من الأنصار: أباد دجانة سماك بن خرشة، و سهل بن حنيف أعطاهما لفقرهما. و إنما فعل النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله ذلک لان مال بني النضير کان له خاصة. و المهاجرين بهم حاجة خصهم بذلك. و الأنصار كانوا في غني فرضوا بذلك، و مدحهم اللّه علي ذلک- ذكره إبن زيد- و قوله «وَ يُؤثِرُونَ عَلي أَنفُسِهِم» أي يختارون علي أنفسهم من يولونه من مالهم