و نسوه هم (وَ اللّهُ عَلي كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ) و معناه انه يعلم الأشياء كلها من جميع وجوهها لا يخفي عليه شيء من ذلک و إن کان كثيراً من الأشياء لا يصح مشاهدتها و لا إدراكها، و منه قوله (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ)[1] أي علم ذلک.
ثم بين فقال (أ لم تر) و معناه ا لم تعلم، و الخطاب للنبي صَلي اللّهُ عَليه و آله و المراد به جميع المكلفين (أَنَّ اللّهَ يَعلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ) من الموجودات لا يخفي عليه شيء منها، لأنه عالم لنفسه يجب ان يکون عالماً بما يصح أن يکون معلوماً. و قيل التقدير أ لم تر ان اللّه يعلم ما في السموات و ما في الإرض مما تري من تدبيرهما من مسير الشمس و القمر و مجيء الحر و البرد و الزرع و الثمار و سائر صنوف الأشجار علي ما تقتضي الحكمة عالماً دبر ذلک و جعل کل شيء منه في وقته و لما يصلح له، و ذلک يقتضي انه عالم بكل نجوي، لأنه عالم لنفسه لا بحدوث علم. و إذا ثبت انه عالم لنفسه وجب ان يکون عالماً بكل معلوم.
و قوله (ما يَكُونُ مِن نَجوي ثَلاثَةٍ إِلّا هُوَ رابِعُهُم وَ لا خَمسَةٍ إِلّا هُوَ سادِسُهُم وَ لا أَدني مِن ذلِكَ وَ لا أَكثَرَ إِلّا هُوَ مَعَهُم أَينَ ما كانُوا) و المعني انه عالم بأحوالهم و جميع متصرفاتهم فرادي و عند الاجتماع، لا يخفي عليه شيء منها، فكأنما هو معهم مشاهد لهم. و علي هذا يقال: إن اللّه تعالي مع الإنسان حيث ما کان، لأنه عالم لا يخفي عليه شيء من أمره حتي انه ظاهر له أتم الظهور لمن شاهده ممن هو معه في المكان، و حسن هذا لما فيه من البيان، فأما ان يکون معهم علي طريق المجاورة فمحال، لأن ذلک من صفات الأجسام، و اللّه تعالي ليس بجسم. و يقولون: فلان رابع أربعة إذا کان احد اربعة و رابع ثلاثة إذا جعل ثلاثة اربعة بكونه معهم.
و يجوز علي هذا ان يقال: رابع ثلاثة و لا يجوز رابع أربعة، لأنه ليس فيه معني