و قوله (يَومَ يَقُولُ المُنافِقُونَ وَ المُنافِقاتُ) يجوز أن يتعلق (يوم) بقوله (ذلک هو الفوز العظيم ... يوم) أي في يوم، و يجوز ان يکون علي تقدير و اذكر يوم يقول المنافقون و المنافقات (للذين آمنوا) ظاهراً و باطناً (انظرونا) فمن قطع الهمزة أراد أخرونا و لا تعجلوا علينا و استأخروا نستضيء بنوركم. و من وصلها أراد ينظرون. و قيل: انظرني ايضاً بمعني انتظرني، قال عمرو إبن أم كلثوم:
أبا هند فلا تعجل علينا و انظرنا نخبرك اليقينا[1]
و يقال: انظرني بمعني أخرني. و قوله (نَقتَبِس مِن نُورِكُم) فالنور الضياء، و هو ضد الظلمة، و بالنور يستضاء في البصر و في الأمور، و في البصر نور و كذلك في النار. و معني (نقتبس) نأخذ قبساً من نوركم، و هو جذوة منه فقالوا لهم (ارجِعُوا وَراءَكُم فَالتَمِسُوا نُوراً) أي ارجعوا الي خلفكم فاطلبوا النور فانه لا نور لكم عندنا، فإذا تأخروا ضرب اللّه بينهم بسور. و من وصلها أراد انتظرونا.
ثم اخبر تعالي فقال (فضرب بينهم) يعني بين المؤمنين و بين المنافقين (بسور) و الباء زائدة و هو المضروب بين الجنة و النار (لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحمَةُ) لأن فيه الجنة (وَ ظاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذابُ) يعني من قبل المنافقين العذاب، لكون جهنم هناك.
ثم حكي اللّه تعالي أنهم (ينادونهم) يعني المنافقون فيقولون لهم (أَ لَم نَكُن مَعَكُم) في دار الدنيا و مخالطين لكم و معاشرين، فيجيبهم المؤمنون فيقولون (بلي) كنتم معنا (وَ لكِنَّكُم فَتَنتُم أَنفُسَكُم) أي تعرضتم للفتنة و تربصتم بالمؤمنين