شيء هم! و فيه تعجيب عن حالهم. و قيل: أصحاب اليمين هم الّذين يعطون كتبهم بأيمانهم، و أصحاب الشمال الّذين يأخذون كتبهم بشمالهم.
و قوله «وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ» معناه الّذين سبقوا إلي اتباع الأنبياء فصاروا أئمة الهدي. و قيل: السابقون إلي طاعة اللّه السابقون إلي رحمته، و السابقون إلي الخير إنما كانوا أفضل لأنهم يقتدي بهم في الخير و يسبقوا إلي أعلي المراتب قبل من يجيء بعدهم فلهذا تميزوا من التابعين بما لا يلحقونهم به و لو اجتهدوا کل الاجتهاد و السابقون الثاني يصلح أن يکون خبراً عن الاول، كأنه قال: و السابقون الأولون في الخير، و يصلح أن يکون «أُولئِكَ المُقَرَّبُونَ» و قوله «أُولئِكَ المُقَرَّبُونَ» معناه الّذين قربوا من جزيل ثواب اللّه و عظيم كرامته بالأمر الأكثر ألذي لا يبلغه من دونهم في الفضل. و السابقون إلي الطاعات يقربون إلي رحمة اللّه في أعلا المراتب و أقربها إلي مجالس كرامته بما يظهر لأهل المعرفة منزلة صاحبه في جلالته و يصل بذلك السرور إلي قلبه، و إنما قال «فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ» مع أنه معلوم من صفة المقربين، لئلا يتوهم أن التقريب يخرجهم إلي دار أخري، و إنما هم مقربون من كرامة اللّه في الجنة لأنها درجات و منازل بعضها أرفع من بعض. و الفرق بين النعيم و النعمة أن النعمة تقتضي شكر النعم من أنعم عليه نعمة و انعاماً. و النعيم من نعم نعيماً كقولك أنتفع انتفاعاً.
و قوله «ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ» فالثلة الجماعة. و أصله القطعة من قولهم: ثل عرشه إذا قطع ملكه بهدم سريره. و الثلة القطعة من النّاس، و قال الزجاج: الثل القطع، و الثلة كالفرقة و القطعة. و هو خبر ابتداء محذوف، و تقديره: هم ثلة من الأولين، و هم قليل من الآخرين. و قوله «وَ قَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ» إنما قال ذلک لأن الّذين سبقوا إلي إجابة النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله قليل من كثير ممن سبق إلي النبيين.