قال ابو عبيدة: معناه جماعات في تفرقة بعضهم في أثر بعض (حَتّي إِذا جاؤُها) يعني جاءوا جهنم (فُتِحَت أَبوابُها) أي أبواب جهنم (وَ قالَ لَهُم خَزَنَتُها) الموكلون بها علي وجه الإنكار عليهم و التهجين لفعلهم (أَ لَم يَأتِكُم رُسُلٌ مِنكُم) يعني من أمثالكم من البشر (يتلون) أي يقرؤن (عَلَيكُم آياتِ رَبِّكُم) أي حجج ربكم، و ما يدلكم علي معرفته و وجوب عبادته (وَ يُنذِرُونَكُم لِقاءَ يَومِكُم هذا) أي و يخوفونكم من مشاهدة هذا اليوم و عذابه، فيقول الكفار لهم (بلي) قد جاءتنا رسل ربنا، و خوفونا لأنه لا يمكنهم جحد ذلک لحصول معارفهم الضرورية (وَ لكِن حَقَّت كَلِمَةُ العَذابِ عَلَي الكافِرِينَ) و معناه أنه وجب العقاب علي من كفر باللّه، لأنه تعالي اخبر بذلك و علم من يكفر و يوافي بكفره، فقطع علي عقابه، فلم يكن يقع خلاف ما علمه و اخبر به، فصار كوننا في جهنم موافقاً لما أخبر به تعالي و علمه، فيقول لهم عند ذلک الملائكة الموكلون بجهنم (ادخُلُوا أَبوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) أي مؤبدين لا آخر لعقابكم ثم قال تعالي (فَبِئسَ مَثوَي) أي بئس مقام (المتكبرين) جهنم. ثم اخبر تعالي عن حال أهل الجنة بعد حال اهل جهنم فقال «وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوا رَبَّهُم» باجتناب معاصيه و فعل طاعاته «إِلَي الجَنَّةِ زُمَراً حَتّي إِذا جاؤُها وَ فُتِحَت أَبوابُها» و إنما جاء في الجنة، و فتحت أبوابها بالواو، و في النار فتحت بغير واو، لأنه قيل: أبواب النار سبعة، و أبواب الجنة ثمانية، ففرق بينهما للإيذان بهذا المعني، قالوا: لان العرب تعد من واحد إلي سبعة و تسميه عشراً و يزيدون واواً تسمي واو العشر، كقوله «التّائِبُونَ العابِدُونَ الحامِدُونَ السّائِحُونَ الرّاكِعُونَ السّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالمَعرُوفِ» ثم قال (وَ النّاهُونَ عَنِ