و هو قول ضمرة بن حبيب، قال البلخي: المعني إن ما يهب اللّه لمؤمني الجن من الحور العين لم يطمثهن جان، و ما يهب اللّه لمؤمني الانس لم يطمثهن إنس قبلهم، علي أن هذا مبالغة. و قال ضمرة بن حبيب في: الآية دلالة علي أن للجن ثواباً فالإنسيات للانس و الجنيات للجن (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) قد مضي تفسيره. و قوله (كَأَنَّهُنَّ الياقُوتُ وَ المَرجانُ) قال الحسن: هن علي صفاء الياقوت في بياض المرجان. و قيل: كالياقوت في الحسن و الصفاء و النور. و قال الحسن:
المرجان أشد اللؤلؤ بياضياً و هو صغاره (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) قد بيناه.
و قوله (هَل جَزاءُ الإِحسانِ إِلَّا الإِحسانُ) معناه ليس جزاء من فعل الاعمال الحسنة و أنعم علي غيره إلا أن ينعم عليه بالثواب و يحسن اليه (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) قد مضي بيانه.
و قوله (وَ مِن دُونِهِما جَنَّتانِ) معناه إن من دون الجنتين اللتين ذكرنا (لِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ) جنتين آخرتين دون الأولتين، و إنهما أقرب إلي قصره و مجالسه في قصره ليتضاعف له السرور بالتنقل من جنة إلي جنة علي ما هو معروف في طبع البشرية من شهوة مثل ذلک. و معني (دون) مكان قريب من الشيء بالاضافة إلي غيره، مما ليس له مثل قربه، و هو ظرف مكان. و إنما کان التنقل من جهة إلي جهة أنفع، لأنه أبعد من الملل علي ما طبع عليه البشر، لأن من الأشياء ما لا يمل لغلبة محبته علي النفس بالأمر اللازم، و منها ما يمل لتطلع النفس إلي غيره، ثم الرجوع اليه.
و قوله (مدها متان) معناه خضراوتان تضرب خضرتهما إلي السواد من الري علي أتم ما يکون من الحسن، لأن اللّه شوق اليهما و وعد المطيعين في خوف مقامه بها، فناهيك بحسن صفتهما و ما يقتضيه ذكرهما في موضعهما. و قال إبن عباس