ثم قال (اكفاركم) يعني قريش و أهل مكة (خَيرٌ مِن أُولئِكُم) الكفار، و المعني إنهم ليسوا بخير من كفار قوم نوح و عاد و ثمود. و قوله (أَم لَكُم بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ) معناه أ لكم براءة في الكتب المنزلة من عذاب اللّه.
و قوله (أَم يَقُولُونَ نَحنُ جَمِيعٌ مُنتَصِرٌ) قال الزجاج: معناه أ يقولون ذلک إدلالا بقوتهم. و يحتمل أن يکون أرادوا نحن جميع أي يد واحدة علي قتاله و خصومته (منتصر) أي ندفعه عنا و ينصر بعضنا بعضاً فقال اللّه تعالي مكذباً لظنونهم (سيهزم الجمع) معناه إن جميعهم سيهزمون (وَ يُوَلُّونَ الدُّبُرَ) و لا يثبتون لقتالك، و کان كذلك فكان موافقته لما أخبر به معجزاً له لأنه إخبار بالغيب قبل كونه، و انهزم المشركون يوم بدر و قتلوا و سبوا علي ما هو معروف.
ثم قال (بل الساعة) يعني القيامة (موعدهم) للجزاء لهم بأنواع العقاب و النيران و قوله (وَ السّاعَةُ أَدهي وَ أَمَرُّ) فالأدهي الأعظم في الدهاء. و الدهاء عظم سبب الضرر مع شدة انزعاج النفس و هو من الداهية و جمعه دواه، و الداهية البلية الّتي ليس في إزالتها حيلة، و المراد ما يجري عليهم من القتل و الأسر عاجلا لا يخلصهم من عذاب الآخرة بل عذاب الآخرة أدهي و أمر. و الأمر الأشد في المرارة، و هي ضرب من الطعم به يکون الشيء مراً. و يحتمل الأمر الأشد في استمرار البلاء، لان الأصل التمرر. و قيل مرارة لشدة مرورها و طلبها الخروج بحدة. و قيل:
الأمر الأشد مرارة من القتل و الأسر.
إِنَّ المُجرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ (47) يَومَ يُسحَبُونَ فِي النّارِ عَلي وُجُوهِهِم ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقناهُ بِقَدَرٍ (49) وَ ما أَمرُنا إِلاّ واحِدَةٌ كَلَمحٍ بِالبَصَرِ (50) وَ لَقَد أَهلَكنا أَشياعَكُم فَهَل مِن مُدَّكِرٍ (51)
وَ كُلُّ شَيءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) وَ كُلُّ صَغِيرٍ وَ كَبِيرٍ مُستَطَرٌ (53) إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَ نَهَرٍ (54) فِي مَقعَدِ صِدقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُقتَدِرٍ (55)