أدركها أوائل هذه الأمة، فكان ذلک آية (و مدكر) أصله متذكر، فقلبت التاء دالا لتواخي الدال بالجهر. ثم أدغمت الذال فيها. و قيل: وجه كونها آية انها كانت تجري بين ما الإرض و ماء السماء، و کان قد غطاها علي ماء أمره اللّه تعالي به. و قوله «فَهَل مِن مُدَّكِرٍ» قد بينا معناه. و قال قتادة: معناه فهل من طالب علم فيعان عليه.
و قوله «فَكَيفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ» تهديد للكفار و تنبيه لهم علي عظم ما فعله بأمثالهم من الكفار الجاحدين لتوحيده، و إنما كرر «فَكَيفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ» لأنه لما ذكر أنواع الانذار و العذاب انعقد التذكير لشيء شيء منه علي التفصيل، و النذر جمع نذير- في قول الحسن- قال: و تكذيب بعضهم تكذيب لجميعهم. و قال الفراء: هو مصدر، و منه «عُذراً أَو نُذراً»[1] مخففة و مثقلة و «إِلي شَيءٍ نُكُرٍ» و يقال: أنذره نذراً بمعني إنذاراً مثل أنزله نزلا بمعني إنزالا.
وَ لَقَد يَسَّرنَا القُرآنَ لِلذِّكرِ فَهَل مِن مُدَّكِرٍ (17) كَذَّبَت عادٌ فَكَيفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ (18) إِنّا أَرسَلنا عَلَيهِم رِيحاً صَرصَراً فِي يَومِ نَحسٍ مُستَمِرٍّ (19) تَنزِعُ النّاسَ كَأَنَّهُم أَعجازُ نَخلٍ مُنقَعِرٍ (20) فَكَيفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ (21)
خمس آيات.
أقسم اللّه تعالي بأنه يسر القرآن للذكر، و التيسير للشيء هو تسهيله، و أخذه بما ليس فيه كثير مشقة علي النفس، فمن سهل له طريق العلم فهو حقيق بالحظ الجزيل