و قوله «وَ كُلُّ أَمرٍ مُستَقِرٌّ» معناه کل أمر من خير او شر مستقر ثابت حتي يجازي به إما الجنة او النار- ذكره قتادة- ثم قال «وَ لَقَد جاءَهُم» يعني هؤلاء الكفار «مِنَ الأَنباءِ» يعني الاخبار العظيمة بكفر من تقدم من الأمم و إهلاكنا إياهم الّتي يتعظ بها «ما فِيهِ مُزدَجَرٌ» يعني متعظ، و هو مفتعل من الزجر إلا ان التاء أبدلت دالا لتوافق الراء بالجهر مع الدال لتعديل الحروف فيتلاءم و لا يتنافر.
و قوله «حِكمَةٌ بالِغَةٌ» معناه نهاية في الصواب، و غاية في الزجر بهؤلاء الكفار و قوله «فَما تُغنِ النُّذُرُ» يجوز في (ما) وجهان:
أحدهما- الجحد، و يکون التقدير: لا يغني التخويف.
و الثاني- ان تكون بمعني ( أي ) و تقديره أي شيء يغني الانذار. و النذر جمع نذير. و قال الجبائي: معناه إن الأنبياء الّذين بعثوا اليهم لا يغنون عنهم شيئاً من عذاب الآخرة ألذي استحقوه بكفرهم، لأنهم خالفوهم و لم يقبلوا منهم.
فَتَوَلَّ عَنهُم يَومَ يَدعُ الدّاعِ إِلي شَيءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعاً أَبصارُهُم يَخرُجُونَ مِنَ الأَجداثِ كَأَنَّهُم جَرادٌ مُنتَشِرٌ (7) مُهطِعِينَ إِلَي الدّاعِ يَقُولُ الكافِرُونَ هذا يَومٌ عَسِرٌ (8) كَذَّبَت قَبلَهُم قَومُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبدَنا وَ قالُوا مَجنُونٌ وَ ازدُجِرَ (9) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغلُوبٌ فَانتَصِر (10)
خمس آيات.
قرأ «خشعاً» علي الجمع أهل العراق إلا عاصما، الباقون «خاشعا» علي وزن (فاعل) و نصبوه علي الحال. و من قرأ «خاشعاً» بلفظ الواحد، فلتقدم