الساعة. و من أنكر انشقاق القمر و أنه کان، و حمل الآية علي كونه في ما بعد- كالحسن البصري و غيره، و اختاره البلخي- فقد ترك ظاهر القرآن، لأن قوله «انشَقَّ» يفيد الماضي، و حمله علي الاستقبال مجاز. و قد روي انشقاق القمر عبد اللّه بن مسعود و انس إبن مالك و إبن عمر و حذيفة و إبن عباس و جبير بن مطعم و مجاهد و إبراهيم، و قد أجمع المسلمون عليه و لا يعتد بخلاف من خالف فيه لشذوذه لان القول به أشتهر بين الصحابة فلم ينكره أحد، فدل علي صحته، و أنهم اجمعوا عليه فخلاف من خالف في ما بعد لا يلتفت اليه. و من طعن في انشقاق القمر بأنه لو کان لم يخف علي أهل الإفطار فقد أبعد لأنه يجوز ان يحجبه اللّه عنهم بغيم، و لأنه کان ليلا فيجوز ان يکون النّاس كانوا نياماً فلم يعلموا به، لأنه لم يستمر لزمان طويل بل رجع فالتأم في الحال، فالمعجزة تمت بذلك.
و قوله «وَ إِن يَرَوا آيَةً» احتمل ان يکون اخباراً من اللّه تعالي عن عناد كفار قريش بأنهم متي رأوا معجزة باهرة و حجة واضحة أعرضوا عن تأملها و الانقياد لصحتها عناداً و حسداً، و قالوا هو «سِحرٌ مُستَمِرٌّ» أي يشبه بعضه بعضاً. و قيل «سِحرٌ مُستَمِرٌّ» من الإرض إلي السماء. و قال مجاهد و قتادة معناه ذاهب مضمحل و قال قوم: معناه شديد من أمرار الحبل، و هو شدة فتله.
و قوله «وَ كَذَّبُوا» يعني بالآية الّتي شاهدوها و لم يعترفوا بصحتها و لا تصديق من ظهرت علي يده «وَ اتَّبَعُوا» في ذلک «أَهواءَهُم» يعني ما تميل طبائعهم اليه، فالهوي رقة القلب بميل الطباع كرقة هواء الجو، تقول: هوي يهوي هواً، فهو هاو إذا مال طبعه إلي الشيء، و هو هوي النفس مقصور، فأما هواء الجو فممدود و يجمع علي أهوية. و هوي يهوي إذا انحدر في الهواء، و المصدر الهوي.
و الاسم الهاوي.