اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 9 صفحة : 439
الآخرة أهلكوا ببغي بعضهم علي بعض، فتفاتوا بالقتل- ذكره إبن إسحاق- و قال الحسن: الأولي أي قبلكم، و إنما فتحت (أن) في المواضع كلها، لأنها عطف علي قوله «أَم لَم يُنَبَّأ بِما فِي صُحُفِ مُوسي وَ إِبراهِيمَ الَّذِي وَفّي أَلّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أُخري» و بكذا و كذا، فلما حذف الباء نصبه. و قوله «وَ ثَمُودَ فَما أَبقي» نصب ب (أهلك) ألذي قبله، و تقديره و أهلك ثموداً فما أبقي، و لا يجوز أن يکون منصوباً بقوله «فما أبقي» لان (ما) لا يعمل ما بعدها في ما قبلها، لا تقول:
زيداً ما ضربت، لأنها من الحروف الّتي لها صدر الكلام، كألف الاستفهام.
و قوله «وَ قَومَ نُوحٍ مِن قَبلُ» معناه و أهلكنا قوم نوح من قبل قوم صالح «إِنَّهُم كانُوا هُم أَظلَمَ وَ أَطغي» فالأظلم الأعظم ظلماً، و الأطغي الأعظم طغياناً، فالظلم يتعاظم کما يتعاظم الضرر، و عظم الظلم بحسب عظم الزاجر عنه. و قيل:
مكث نوح في قومه يدعوهم إلي اللّه و كلما دعاهم فما يزدادون إلا تتابعاً في الضلال و تواصياً بالتكذيب لأمر اللّه- في قول قتادة- و قوله «و المؤتفكة» يعني المنقلبة، و هي الّتي صار أعلاها أسفلها، و أسفلها أعلاها ائتفكت بهم تؤتفك ائتفاكاً، و منه الافك الكذب، لأنه قلب المعني عن وجهه. و معني «أهوي» نزل بها في الهوي، و منه الهوي: أهوي بيده ليأخذ كذا، و هوي هواء إذا نزل في الهواء، فأما إذا نزل في سلّم أو درجة، فلا يقال:
أهوي، و لا هوي. و قيل: قرية سدوم: قوم لوط، رفعها جبرائيل إلي السماء ثم أهوي بها قالباً لها- في قول مجاهد و قتادة- و قوله «فَغَشّاها ما غَشّي» يعني من الحجارة المسومة الّتي رموا بها من السماء- في قول قتادة و إبن زيد- و المعني فجللها من العذاب ما يعمها حتي أتي عليها (ما غشي) و فيه تفخيم شأن العذاب ألذي رماها به و نالها من جهة إبهامه في قوله «ما غشي» كأنه قد جل الأمر عن أن يحتاج
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 9 صفحة : 439