responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 436

(ثُم‌َّ يُجزاه‌ُ الجَزاءَ الأَوفي‌) ‌ أي ‌ يجازي‌ ‌علي‌ اعماله‌ الطاعات‌ بأوفي‌ ‌ما يستحقه‌ ‌من‌ الثواب‌ الدائم‌، و الهاء ‌في‌ (يجزاه‌) عائدة ‌علي‌ السعي‌.

و ‌قوله‌ (وَ أَن‌َّ إِلي‌ رَبِّك‌َ المُنتَهي‌) معناه‌ و ‌أن‌ ‌إلي‌ ثواب‌ ربك‌ و عقابه‌ آخر الأمور، و المنتهي‌ ‌هو‌ المصير ‌إلي‌ وقت‌ ‌بعد‌ الحال‌ الأولي‌ ‌عن‌ حال‌ مثلها، فللتكليف‌ منتهي‌، و ليس‌ للجزاء ‌في‌ دار الآخرة منتهي‌. و المنتهي‌ قطع‌ العمل‌ ‌الي‌ حال‌ أخري‌ و المنتهي‌، و الآخر واحد. و ‌قوله‌ (وَ أَنَّه‌ُ هُوَ أَضحَك‌َ وَ أَبكي‌) ‌قيل‌ اضحك‌ بأن‌ فعل‌ سبب‌ ‌ذلک‌ ‌من‌ السرور و الحزن‌، ‌کما‌ يقال‌ أضحكني‌ فلان‌ و أبكاني‌ ‌إذا‌ ‌کان‌ سبب‌ ‌ذلک‌ ‌بما‌ يقع‌ عنده‌ ضحكي‌ و بكائي‌، فعلي‌ ‌هذا‌ الضحك‌ و البكاء ‌من‌ فعل‌ الإنسان‌. و ‌قد‌ ‌قال‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ (فَليَضحَكُوا قَلِيلًا وَ ليَبكُوا كَثِيراً)[1] و ‌لو‌ ‌لم‌ يكن‌ ‌من‌ فعلنا ‌لما‌ حسن‌ ‌ذلک‌. و ‌قال‌ ‌تعالي‌ (أَ فَمِن‌ هذَا الحَدِيث‌ِ تَعجَبُون‌َ وَ تَضحَكُون‌َ وَ لا تَبكُون‌َ)[2] و ‌قال‌ (فَاليَوم‌َ الَّذِين‌َ آمَنُوا مِن‌َ الكُفّارِ يَضحَكُون‌َ)[3] فنسب‌ الضحك‌ اليهم‌. و ‌قال‌ الحسن‌: اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌هو‌ الخالق‌ للضحك‌ و البكاء، و الضحك‌ تفتح‌ اسرار الوجه‌ ‌عن‌ سرور و عجب‌ ‌في‌ القلب‌، فإذا هجم‌ ‌علي‌ الإنسان‌ ‌منه‌ ‌ما ‌لا‌ يمكنه‌ دفعه‌ فهو ‌من‌ فعل‌ اللّه‌ ‌ألذي‌ أضحك‌ و ابكي‌. و البكاء جريان‌ الدموع‌ ‌علي‌ الخد ‌عن‌ غم‌ ‌في‌ القلب‌، و إنما يبكي‌ الإنسان‌ ‌عن‌ فرح‌ يمازجه‌ تذكر حزن‌، فكأنه‌ ‌عن‌ رقة ‌في‌ القلب‌ يغلب‌ عليها الغم‌.

و ‌قوله‌ (أَنَّه‌ُ هُوَ أَمات‌َ وَ أَحيا) معناه‌ انه‌ ‌تعالي‌ ‌ألذي‌ يخلق‌ الموت‌ فيميت‌ ‌به‌ الأحياء ‌لا‌ يقدر ‌علي‌ الموت‌ غيره‌، لأنه‌ ‌لو‌ قدر ‌علي‌ الموت‌ غيره‌ لقدر ‌علي‌ الحياة، لأن‌ القادر ‌علي‌ الشي‌ء قادر ‌علي‌ ضده‌، و ‌لا‌ احد يقدر ‌علي‌ الحياة ‌إلا‌ اللّه‌.


[1] ‌سورة‌ 9 التوبة آية 83
[2] ‌سورة‌ 53 النجم‌ آية 60
[3] ‌سورة‌ 83 المطففين‌ آية 34
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 436
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست