اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 9 صفحة : 426
و قوله (وَ لَقَد رَآهُ نَزلَةً أُخري) قال عبد اللّه بن مسعود و عائشة و مجاهد و الربيع: رأي محمّد صَلي اللّهُ عَليه و آله جبرائيل عليه السلام دفعة أخري. و
روي أنه رآه في صورته الّتي خلقه اللّه عليها مرتين.
و قوله (عِندَ سِدرَةِ المُنتَهي) قيل: هي شجرة النبق و قيل لها: سدرة المنتهي في السماء السادسة، إليها ينتهي ما يعرج إلي السماء- في قول إبن مسعود و الضحاك- و قيل: لأنه ينتهي اليها أرواح الشهداء و قوله (عِندَها جَنَّةُ المَأوي) معناه عند سدرة المنتهي جنة المقام و هي جنة الخلد، و هي في السماء السابعة. و قيل: إنه يجتمع اليها أرواح الشهداء. و قال الحسن: جنة المأوي هي الّتي يصير اليها أهل الجنة.
و قوله (إِذ يَغشَي السِّدرَةَ ما يَغشي) معناه يغشي السدرة من النور و البهاء و الحسن و الصفاء ألذي يروق الأبصار ما ليس لوصفه منتهي. و قال إبن مسعود و مجاهد- و
و قال الربيع: غشيها من النور نور الملائكة. و قوله (ما يغشي) أبلغ لفظ في هذا المعني و الغشيان لباس الشيء مما يعمه، يقال غشيه يغشاه غشياناً.
و قوله «ما زاغَ البَصَرُ» اي ما ذهب عن الحق المطلوب، و الزيغ الذهاب عن الحق المطلوب، يقال: زاغ بصره و قلبه يزيغ زيغاً، و منه قوله «فَلَمّا زاغُوا أَزاغَ اللّهُ قُلُوبَهُم»[1] و منه قوله «فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنهُ»[2] و الزيغ الميل عن الحق «وَ ما طَغي» معناه ما طغي البصر أي ما ذهب يميناً و شمالا. و قيل: ما ارتفع كارتفاع الظالم عن الحق لمن يريده، و الطاغي ألذي لا يلوي علي شيء. و الطغيان طلب الارتفاع بظلم العباد: طغي يطغي طغياناً.
و الطاغي و الباغي نظائر. و هم الطغاة و البغاة، و المعني ما زاغ بصر محمّد و ما طغي